لعله يكون أمر إبراهيم بذبح إسماعيل وحيث عرفت أن النسخ بحسب الحقيقة يكون دفعاً وان كان بحسب الظاهر رفعاً فلا بأس به مطلقاً ولو كان قبل حضور وقت العمل لعدم لزوم البداء المحال في حقه تبارك وتعالى بالمعنى المستلزم لتغير إرادته تعالى مع اتحاد الفعل ذاتا وجهة وإلا لزم امتناع النسخ أو الحكم المنسوخ فان الفعل ان كان مشتملا على مصلحة موجبة للأمر به امتنع النهي عنه وإلّا امتنع الأمر به وذلك لأن الفعل أو دوامه لم يكن متعلقاً لإرادته فلا يستلزم نسخ أمره بالنهي تغيير إرادته ولم يكن الأمر بالفعل من جهة كونه مشتملا على مصلحة وإنما كان إنشاء الأمر به أو إظهار دوامه عن حكمة ومصلحة (وأما) البداء في التكوينيات بغير ذاك المعنى فهو مما دل عليه الروايات المتواترات كما لا يخفى ومجمله أن الله تبارك وتعالى إذا تعلقت مشيته تعالى بإظهار ثبوت ما يمحوه لحكمة داعية إلى إظهاره ألهم أو أوحي إلى نبيه أو وليه أن يخبر به مع علمه بأنه يمحوه أو مع عدم علمه به لما أشير إليه من عدم الإحاطة بتمام ما جرى في علمه وإنما يخبر به لأنه حال الوحي أو الإلهام لارتقاء نفسه الزكية واتصاله بعالم لوح المحو والإثبات اطلع على ثبوته ولم يطلع على كونه معلقا على أمر غير واقع أو عدم الموانع قال الله تبارك وتعالى : (يمحو الله ما يشاء ويثبت) الآية. نعم ـ من شملته العناية الإلهية واتصلت نفسه الزكية بعالم اللوح المحفوظ الّذي هو من
______________________________________________________
(١) يعني لو كان قبل حضور وقت العمل (٢) (قوله : لعله يكون) أشار بأداة الترجي إلى المناقشات في كونه من النسخ مثل ما قيل : إن المراد من الذبح مقدماته بقرينة قوله تعالى : قد صدقت الرؤيا (٣) (قوله : مع اتحاد الفعل) قيد للتغيير المستحيل إذ مع تغير الفعل ذاتاً أو جهة لا يكون تغير الإرادة مستحيلا (٤) (قوله : وإلا لزم) الموجود في بعض النسخ (ولا لزوم) بدل (وإلا لزم) والظاهر انه الصحيح ويكون معطوفا على قوله : لعدم لزوم البداء (٥) (قوله : وذلك لأن) تعليل لعدم لزوم البداء (٦) (قوله : بغير ذاك المعنى) يعني المحال في حقه تعالى