رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في عسكر ، وأنّ هر قل قد سار في جنوده ، وجلب معهم غسّان وجذام وبهراء وعاملة ، وقد قدم عساكره البلقاء (١) ، ونزل هو حمص.
فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه بالتهيؤ إلى تبوك ، وهي من بلاد البلقاء ، وبعث إلى القبائل حوله ، وإلى مكّة ، وإلى من أسلم من خزاعة ومزينة وجهينة ، فحثّهم على الجهاد ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعسكره فضرب في ثنيّة الوداع (٢) ، وأمر أهل الجدة أن يعينوا من لا قوّة به ، ومن كان عنده شيء أخرجه ، وحملوا وقووا وحثّوا على ذلك.
وخطب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال بعد حمد الله والثّناء عليه : «أيّها الناس ، إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأولى القول كلمة التقوى ، وخير الملل ملّة إبراهيم ، وخير السّنن سنّة محمد ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وأحسن القصص هذا القرآن ، وخير الأمور عزائمها ، وشرّ الأمور محدثاتها ، وأحسن الهدى هدى الأنبياء ، وأشرف القتلى الشّهداء ، وأعمى العمى الضّلالة بعد الهدى. وخير الأعمال ما نفع ، وخير الهدى ما اتّبع ، وشرّ العمى عمى القلب ، واليد العليا خير من اليد السّفلى ، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، وشرّ المعذرة حين يحضر الموت ، وشرّ النّدامة يوم القيامة ، ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلّا نزرا ، منهم من لا يذكر الله إلّا هجرا ، ومن أعظم الخطايا اللّسان الكذب ، وخير الغنى غنى النّفس ، وخير الزاد التقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله ، وخير ما ألقي في القلب اليقين. والارتياب من الكفر ، والتباعد من عمل الجاهليّة ، والغلول من قّيح جهنّم ، والسّكر جمر النار ، والشّعر من إبليس ، والخمر جماع الإثم ، والنّساء حبائل إبليس ، والشّباب شعبة من
__________________
(١) البلقاء : كورة من أعمال دمشق ، بين الشام ووادي القرى. «معجم البلدان : ج ١ ، ص ٤٨٩».
(٢) ثنيّة الوداع : اسم موضع مشرف على المدينة. «معجم البلدان : ج ٢ ، ص ٨٦».