وعجائب معجزاته بكذا وكذا ، وأنه صلّب الأرض تحت حافر دابّته وأرجل أصحابه ، ثمّ انقلب على ذلك الموضع عليّ وكشف عنه فرأيت الحفيرة ، ثم إنّ الله عزوجل لأمها كما كانت لكرامته عليه ، وإنّه قيل له : كاتب بهذا ، وأرسل إلى رسول الله. فقال : رسول الله إلى رسول الله أسرع ، وكتابه إليه أسبق. ولم يخبرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما قال عليّ عليهالسلام على باب المدينة : إن من مع رسول الله منافقين سيكيدونه ، ويدفع الله عزوجل عنه.
فلمّا سمع الأربعة والعشرون أصحاب العقبة ما قاله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمر عليّ عليهالسلام ، قال بعضهم لبعض : ما أمهر محمدا بالمخرقة (١) إنّ فيجا (٢) أتاه مسرعا ، أو طيرا من المدينة من بعض أهله وقع عليه! إنّ عليّا قتل بحيلة كذا وكذا ، وهو الذي واطأنا عليه أصحابنا ، فهو الآن لمّا بلغه كتم الخبر ، وقبله إلى ضدّه يريد أن يسكّن من معه لئلّا يمدوا أيديهم عليه ، وهيهات ـ والله ـ ما لبّث عليّا بالمدينة إلّا حتفه ، ولا أخرج محمّدا إلى ها هنا إلّا حتفه ، وقد هلك عليّ ، وهو ها هنا هالك لا محالة ، ولكن تعالوا حتى نذهب إليه ونظهر له السرور بأمر علي ليكون أسكن لقلبه إلينا ، إلى أن نمضي فيه تدبيرنا ، فحضروه وهنّؤوه على سلامة عليّ من الورطة التي رامها أعداؤه. ثمّ قالوا له : يا رسول الله ، أخبرنا عن عليّ ، أهو أفضل أم ملائكة الله المقرّبون؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وهل شرفت الملائكة إلّا بحبّها لمحمد وعليّ ، وقبولها لولايتهما؟ إنّه لا أحد من محبّي علي قد نظّف قلبه من قذر الغش والدّغل والغلّ ونجاسات الذّنوب إلا كان أظهر وأفضل من الملائكة ، وهل أمر الله الملائكة بالسجود لآدم إلّا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم ، إنه لا
__________________
(١) المخرقة : يراد بها هنا الافتراء والكذب.
(٢) قال في اللسان : وفي الحديث ذكر الفيج ، وهو المسرع في مشيه ، الذي يحمل الأخبار من بلد إلى بلد. «لسان العرب ـ فيج ـ ج ٢ ، ص ٣٥٠».