شهوات الفحولة تزعجكم ، ولا شهوة الطعام تحقّركم ، ولا الخوف من أعداء دينكم ودنياكم ينخب في قلوبكم ، ولا لإبليس في ملكوت سماواتي وأرضي شغل على إغواء ملائكتي الذين قد عصمتهم منه. يا ملائكتي ، فمن أطاعني منهم وسلم دينه من هذه الآفات والنّكبات فقد احتمل في جنب محبّتي ما لم تحتملوه ، واكتسب من القربات ما لم تكتسبوه.
فلمّا عرّف الله ملائكته فضل خيار أمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وشيعة عليّ عليهالسلام وخلفائه عليهم ، واحتمالهم في جنب محبّة ربّهم ما لا تحتمله الملائكة ، أبان بني آدم الخيار المتّقين بالفضل عليهم. ثمّ قال : فلذلك فاسجدوا لآدم. لما كان مشتملا على أنوار هذه الخلائق الأفضلين. ولم يكن سجودهم لآدم ، إنّما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عزوجل ، وكان بذلك معظّما مبجّلا له ، ولا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون الله ، وأن يخضع له خضوعه لله ، ويعظّمه بالسّجود له كتعظيمه لله ، ولو أمرت أحدا أن يسجد هكذا لغير الله ، لأمرت ضعفاء شيعتنا وسائر المكلّفين من شيعتنا أن يسجدوا لمن توسّط في علوم عليّ وصي رسول الله ، ومحض وداد (١) خير خلق الله عليّ بعد محمّد رسول الله ، واحتمل المكاره والبلايا في التّصريح بإظهار حقوق الله ، ولم ينكر عليّ حقّا أرقبه (٢) عليه قد كان جهله أو أغفله.
ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عصى الله إبليس فهلك لما كانت معصيته بالكبر على آدم ، وعصى الله آدم بأكل الشجرة فسلم ولم يهلك لمّا لم يقارن بمعصيته التكبّر على محمد وآله الطيّبين ، وذلك أن الله تعالى قال له : يا آدم ، عصاني فيك إبليس وتكبّر عليك فهلك ، ولو تواضع لك بأمري ، وعظّم عزّ جلالي
__________________
(١) محض الودّ : أخلصه. «مجمع البحرين ـ محض ـ ج ٤ ، ص ٢٢٩».
(٢) رقّبت الشيء : رصدته وانتظرته ، والمراد هنا : أرصده له وأنتظر رعايته منه. «الصحاح ـ رقب ـ ج ١ ، ص ١٣٧».