لأفلح كلّ الفلاح كما أفلحت ، وأنت عصيتني بأكل الشجرة ، وبالتّواضع لمحمد وآل محمد تفلح كلّ الفلاح ، وتزول عنك وصمة الزّلة ، فادعني بمحمّد وآله الطيّبين كذلك. فدعا بهم فأفلح كلّ الفلاح لمّا تمسّك بعروتنا أهل البيت.
ثمّ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بالرحيل في أوّل نصف الليل الأخير ، وأمر مناديه فنادى : ألا لا يسبقنّ رسول الله أحد إلى العقبة ، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثمّ أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة ، فينظر من يمرّ به ، ويخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمره أن يستتر بحجر ، فقال حذيفة : يا رسول الله ، إنّي أتبيّن الشّرّ من وجوه رؤساء عسكرك ، وإنّي أخاف أن قعدت في أصل الجبل وجاء منهم من أخاف أن يتقدّمك إلى هناك للتّدبير عليك يحسّ بي ، فيكشف عنّي فيعرفني وموضعي من نصيحتك فيتّهمني ويخافني فيقتلني.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّك إذا بلغت أصل العقبة فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة ، وقل لها : إنّ رسول الله يأمرك أن تنفرجي حتى أدخل جوفك ، ثم يأمرك أن تثقب فيك ثقبة أبصر منها المارّين ، ويدخل عليّ منها الرّوح لئلا أكون من الهالكين ، فإنها تصير إلى ما تقول لها بإذن الله ربّ العالمين.
فأدّى حذيفة الرسالة ، ودخل جوف الصخرة ، وجاء الأربعة والعشرون على جمالهم ، وبين أيديهم رجّالتهم ، يقول بعضهم لبعض : من رأيتموه ها هنا كائنا ما كان فاقتلوه ، لئلا يخبروا محمّدا أنهم قد رأونا ها هنا فينكص محمد ، ولا يصعد هذه العقبة إلّا نهارا ، فيبطل تدبيرنا عليه. فسمعها حذيفة ، واستقصوا فلم يجدوا أحدا. وكان الله قد ستر حذيفة بالحجر عنهم فتفرّقوا ، فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك. وبعضهم وقف على