العتيق لأنه أعتق من الغرق ، فبقي الماء ينصبّ من السّماء أربعين صباحا ، ومن الأرض عيونا ، حتى ارتفعت السفينة ، فسّحت (١) السّماء ـ قال ـ فرفع نوح عليهالسلام يده ، فقال : يا دهمان ، أيقن. وتفسيرها يا ربّ احبس. فأمر الله الأرض أن تبلع ماءها ، وهو قوله : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) أي أمسكي (وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ) فبلعت الأرض ماءها ، فأراد ماء السّماء أن يدخل في الأرض ، فامتنعت الأرض عن قبوله ، وقالت : إنّما أمرني الله عزوجل أن ابلع مائي ، فبقي ماء السّماء على وجه الأرض ، واستوت السّفينة على جبل الجوديّ ، وهو بالموصل جبل عظيم ، فبعث الله جبرئيل فساق الماء إلى البحار حول الدنيا. وأنزل الله على نوح : (يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) فنزل نوح ـ بالموصل ـ من السّفينة مع الثمانين ، وبنوا مدينة الثّمانين ، وكان لنوح بنت ركبت معه في السفينة ، فتناسل الناس منها ، وذلك قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : نوح أحد الأبوين. ثمّ قال الله تعالى لنبيّه : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)(٢).
وقال الرضا عليهالسلام : «قال أبي عليهالسلام : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الله عزوجل قال لنوح عليهالسلام : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) لأنه كان مخالفا له ، وجعل من اتبعه من أهله».
قال الحسن بن عليّ الوشّاء : وسألني : «كيف يقرءون هذه الآية في ابن نوح؟». فقلت : يقرؤها الناس على وجهين : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) و (إنّه عمل
__________________
(١) سحّ الماء : صبّ ، وسال من فوق. «الصحاح ـ سحح ـ ج ١ ، ص ٣٧٣».
(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٢٦.