عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قرّبه إليهم ، فلمّا وضعه بين أيديهم و (رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) فلمّا رأى ذلك جبرئيل عليهالسلام حسر العمامة عن وجهه وعن رأسه فعرفه إبراهيم عليهالسلام ، فقال : أنت هو؟ قال : نعم : ومرّت امرأته سارة ، فبشّرها بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب. فقالت ما قال الله عزوجل ، وأجابوها بما في الكتاب العزيز (١) :
فقال لهم إبراهيم عليهالسلام : لماذا جئتم؟ قالوا : في إهلاك قوم لوط. فقال لهم : إن كان فيها مائة من المؤمنين أتهلكونهم؟ قال جبرئيل لا. قال : وإن كان فيهم خمسون؟ قال : لا. قال : وإن كان فيهم ثلاثون؟ قال : لا. قال : وإن كان فيهم عشرون؟ قال : لا. قال : وإن كان فيهم عشرة؟ قال : لا. قال : وإن كان فيهم خمسة؟ قال : لا. قال : إن كان فيهم واحد؟ قال : لا. (قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)(٢) ثمّ مضوا».
قال : وقال الحسن بن علي (٣) : لا أعلم هذا القول إلا وهو
__________________
(١) قال أبو جعفر في قوله (فضحكت) : يعني فعجبت من قولهم ـ وفي رواية أبي عبد الله عليهالسلام : قال : حاضت ، وقالت : (يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) إلى قوله : (مَجِيدٌ).
فلما جاءت إبراهيم البشارة بإسحاق ، فذهب عنه الرّوع ، أقبل يناجي ربّه في قوم لوط ويسأله كشف البلاء عنهم ، فقال الله تعالى : (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ) بعد طلوع الشمس من يومك محتوما (غَيْرُ مَرْدُودٍ). (تفسير العياشي : ج ٢ ، ص ١٥٢ ، ح ٤٤ ـ ٤٥).
(٢) العنكبوت : ٣٢.
(٣) قال المجلسي () : أي ابن فضّال. البحار : ج ١٢ ، ص ١٦٩ ، وفي المصدر : الحسن العسكري أبو محمّد عليهالسلام.