يستبقيهم (١) ، وهو قول الله عزوجل : (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ)(٢).
«فأتوا لوطا وهو في زراة له قرب المدينة ، فسلموا عليه وهم معتمون ، فلما رآهم رأى هيئة حسنة ، عليهم عمائم بيض وثياب بيض ، فقال لهم : المنزل؟ فقالوا : نعم فتقدّمهم ومشوا خلفه ، فندم على عرضه المنزل عليهم ، فقال : أيّ شيء صنعت ، آتي بهم قومي وأنا أعرفهم؟
فالتفت إليهم ، فقال : إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. قال جبرئيل عليهالسلام (٣) : لا تعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرّات. فقال جبرئيل عليهالسلام : هذه واحدة. ثم مشى ساعة ثم التفت إليهم ، فقال : إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل عليهالسلام : هذه اثنتان. ثمّ مضى فلمّا بلغ باب المدينة التفت إليهم ، فقال : إنكم لتأتون شرارا من خلق الله ، فقال جبرئيل عليهالسلام : هذه الثالثة.
ثمّ دخل ودخلوا معه. حتى دخل منزله ، فلمّا رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة ، فصعدت فوق السّطح فصفقت ، فلم يسمعوا ، فدخّنت ، فلمّا رأوا الدّخان أقبلوا يهرعون ، حتى جاءوا إلى الباب ، فنزلت إليهم ، فقالت : عندنا قوم ما رأيت قوما قطّ أحسن منهم هيئة. فجاءوا إلى الباب ليدخلوا ، فلمّا رآهم لوط قام إليهم ، فقال لهم يا قوم : (فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) ثمّ قال : (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) فدعاهم كلّهم إلى الحلال ، فقالوا : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ
__________________
(١) قال المجلسيّ (رحمهالله) : أي أظنّ أن غرض إبراهيم عليهالسلام كان استبقاء القوم والشفاعة لهم ، لا محض إنجاء لوط من بينهم. البحار : ج ١٢ ، ص ١٦٩.
(٢) وقال أبو عبد الله عليهالسلام في قول الله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ). «دعّاء». (تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ١٥٤ ، ح ٥١).
(٣) كذا ، والظاهر : فقال الله لجبرئيل.