ما نُرِيدُ) فقال لهم : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) ـ قال ـ فقال جبرئيل عليهالسلام : لو يعلم أيّ قوّة له! فكاثروه (١) حتى دخلوا الباب ، فصاح به : جبرئيل ، وقال : يا لوط ، دعهم يدخلون ، فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم ، فذهبت أعينهم ، وهو قول الله عزوجل : (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ)(٢).
ثمّ ناداه جبرئيل ، فقال له : (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) وقال له جبرئيل : إنا بعثنا في إهلاكهم. فقال : يا جبرئيل ، عجّل. فقال : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) فأمره فتحمّل ومن معه إلّا امرأته ، ثم اقتلعها ـ يعني المدينة ـ جبرئيل بجناحه من سبع أرضين ، ثم رفعها حتى سمع أهل السّماء الدنيا نباح الكلاب وصراخ الديوك ، ثم قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجّيل» (٣).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سأل جبرئيل عليهالسلام : كيف كان مهلك قوم لوط؟
فقال : يا محمّد ، إنّ قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظّفون من الغائط ، ولا يتطهّرون من الجنابة ، بخلاء أشحّاء على الطعام ، وإن لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة ، وإنما كان نازلا عليهم ولم يكن منهم ، ولا عشيرة له فيهم ولا قوم ، وإنّه دعاهم إلى الإيمان بالله واتّباعه ، وكان ينهاهم عن الفواحش ، ويحثّهم على طاعة الله فلم يجيبوه ، ولم يتّبعوه.
وإنّ الله لمّا همّ بعذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا ونذرا ، فلما عتوا
__________________
(١) كاثره : غلبه بالكثرة. «الصحاح ـ كثر ـ ج ٢ ، ص ٨٠٣».
(٢) القمر : ٣٧.
(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ٣٢٧ ، ح ٥٠٥.