عن أمره بعث الله إليهم ملائكة ليخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين ، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين فأخرجوهم منها ، وقالوا للوط : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) في هذه الليلة (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ)(١).
قال : فلمّا انتصف الليل سار لوط ببناته ، وتولّت امرأته مدبرة فانطلقت إلى قومها تسعى بلوط ، وتخبرهم أنّ لوطا قد سار ببناته.
وإنّي نوديت من تلقاء العرش لمّا طلع الفجر : يا جبرئيل ، حقّ القول من الله بحتم عذاب قوم لوط اليوم ، فاهبط إلى قرية قوم لوط وما حوت فاقتلعها من تحت سبع أرضين ، ثمّ اعرج بها إلى السّماء ، ثم أوقفها حتى يأتيك أمر الجبّار في قلبها ، ودع منها آية بيّنة ـ منزل لوط ـ عبرة للسيّارة.
فهبطت على أهل القرية الظالمين ، فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها ، وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى غربها ، فاقتلعتها ـ يا محمّد ـ من تحت سبع أرضين إلّا منزل لوط آية للسيّارة ، ثم عرجت بها في خوافي (٢) جناحي إلى السماء ، وأوقفتها حتى سمع أهل السماء زقاء (٣) ديوكها ونباح كلابها فلمّا أن طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش : يا جبرئيل ، اقلب القرية على القوم المجرمين ، فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها ، وأمطر الله عليهم حجارة من سجّيل منضود مسوّمة عند ربّك ، وما هي ـ يا محمّد ـ من الظالمين من أمّتك ببعيد».
قال : «فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا جبرئيل ، وأين كانت قريتهم من البلاد؟
__________________
(١) الحجر : ٦٥.
(٢) الخوافي : الريش الصغار التي في جناح الطير عند القوادم. «مجمع البحرين ـ خفا ـ ج ١ ، ص ١٢٩».
(٣) زقا الصّدى يزقو ويزقى زقاء : أي صاح. «الصحاح ـ زقا ـ ج ٦ ، ص ٢٣٦٨».