رومين ، أقرئوا يعقوب منّي السّلام. فلمّا سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض : لا تزولوا من هنا حتى تعلموا أنّه قد مات. فلم يزالوا بحضرته حتى أمسوا (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) فلمّا سمع مقالتهم استرجع واستعبر ، وذكر ما أوحى الله عزوجل إليه من الاستعداد للبلاء ، فصبر وأذعن للبلوى ، وقال لهم : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) وما كان الله ليطعم لحم يوسف الذئب من قبل أن أرى تأويل رؤياه الصادقة».
قال أبو حمزة : ثمّ انقطع حديث علي بن الحسين عليهالسلام عند هذا (١).
وقال ابن عباس : لما استقرّ يوسف عليهالسلام في قعر الجبّ سالما واطمأنّ من المؤذيات ، جعل ينادي إخوته : «إنّ لكلّ ميّت وصيّة ، ووصيّتي إليكم إذا رجعتم فاذكروا وحدتي ، وإذا أمنتم فاذكروا وحشتي ، وإذا طعمتم فاذكروا جوعتي ، وإذا شربتم فاذكروا عطشي ، وإذا رأيتم شابّا فاذكروا شبابي».
فقال له جبرئيل عليهالسلام : يا يوسف ، أمسك عن هذا ، واشتغل بالدعاء ، وقل : يا كاشف كل كربة ، ويا مجيب كل دعوة ، ويا جابر كل كسير ، ويا حاضر كلّ بلوى ، ويا مؤنس كل وحيد ، ويا صاحب كلّ غريب ، ويا شاهد كلّ نجوى ، أسألك بحقّ لا إله إلا أنت أن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، وأن تجعل في قلبي حبّك حتى لا يكون لي همّ وشغل سواك ، برحمتك يا أرحم الراحمين.
فقالت الملائكة : يا ربّنا ، نسمع صوتا ودعاء ، أمّا الصّوت فصوت نبيّ ، وأمّا الدّعاء فدعاء نبيّ ، فأوحى الله تعالى إليهم : هو نبيّي يوسف ، وأوحى
__________________
(١) علل الشرائع : ص ٤٥ ، ح ١.