امرأة الملك عن نفسه ، فقال لها : معاذ الله ، أنا من أهل بيت لا يزنون ، فغلّقت الأبواب عليها وعليه ، وقالت : لا تخف. وألقت نفسها عليه ، فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته ، فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه ، فأفلت يوسف منها في ثيابه (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(١) ـ قال ـ فهمّ الملك بيوسف ليعذّبه ، فقال له يوسف : وإله يعقوب ، ما أردت بأهلك سوءا ، بل هي راودتني عن نفسي ، فسل هذا الصبيّ : أيّنا راود صاحبه عن نفسه؟ ـ قال ـ وكان عندها من أهلها صبيّ زائر لها. فأنطق الله الصبيّ لفصل القضاء ، فقال : أيّها الملك انظر إلى قميص يوسف ، فإن كان مقدودا من قدّامه فهو الذي راودها ، وإن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته.
فلما سمع الملك كلام الصبيّ وما اقتصّه ، أفزعه ذلك فزعا شديدا ، فجيء بالقميص فنظر إليه ، فلمّا رآه مقدودا من خلفه ، قال لها : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) وقال ليوسف : (أَعْرِضْ عَنْ هذا) ولا يسمعه منك أحد ، واكتمه ـ قال ـ فلم يكتمه يوسف ، وأذاعه في المدينة حتّى قالت نسوة منهنّ : (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) فبلغها ذلك ، فأرسلت إليهنّ ، وهيّأت لهنّ طعاما ومجلسا ، ثمّ أتتهنّ بأترج وأتت كل واحدة منهنّ سكينا ، ثم قالت ليوسف : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ) ما قلن ، فقالت لهنّ : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) يعني في حبّه. وخرجت النسوة من عندها ، فأرسلت كلّ واحدة منهنّ إلى يوسف سرّا من صاحبتها تسأله الزيارة فأبى عليهن ، وقال : (إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) فصرف الله عنه كيدهن. فلمّا شاع أمر يوسف وامرأة العزيز
__________________
(١) أقول : أرادة أمرآة الملك براءة نفسها وسجن يوسف أو عذابه وذلك لحبها له فلم ترد قتله.