قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ) أي لا يدوسوه فإنّه يفسد في طول سبع سنين ، وإذا كان في سنبله لا يفسد (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَ) أي سبع سنين مجاعة شديدة ، يأكلن ما قدّمتم لهنّ في السبع سنين الماضية. قال الصادق عليهالسلام : «إنّما نزل : ما قرّبتم لهنّ» (١).
(ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) أي يمطرون .. قال أبو عبد الله عليهالسلام : «قرأ رجل على أمير المؤمنين عليهالسلام : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) على البناء للفاعل ، فقال : ويحك : أي شيء يعصرون ، يعصرون الخمر؟! قال الرجل : يا أمير المؤمنين ، كيف أقرأها؟ فقال : إنّما نزلت (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)(٢) أي يمرون بعد سنيّ المجاعة ، والدليل على ذلك ، قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً)(٣).
فرجع الرجل إلى الملك فأخبره بما قال يوسف ، فقال الملك : (ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) يعني إلى الملك (فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) فجمع الملك النسوة ، فقال لهنّ : (ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) أي
__________________
(١) انظر مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٣٦١.
(٢) قرأ الصادق عليهالسلام ، والأعرج ، وعيسى بن عمر (يَعْصِرُونَ) بياء مضمومة وصاد مفتوحة ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف (تعصرون) بتاء مفتوحة وصاد مكسورة ، والباقون بالياء ، مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٣٦١ ، النشر في القراءات العشر : ج ٢ ، ص ٢٩٥ ، كتاب التيسير في القراءت السبع : ص ١٢٩.
(٣) النبأ : ١٤.