لا أكذب عليه الآن كما كذبت عليه من قبل. ثمّ قالت : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) أي تأمر بالسوء (إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) فقال الملك : (ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) فلمّا نظر إلى يوسف (قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) فاسأل حاجتك؟ (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) يعني : على الكناديج (١) والأنابير (٢) ، فجعله عليها ، وهو قوله : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ)(٣).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام في قول يوسف : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) : «حفيظ بما تحت يدي ، عليم بكلّ لسان» (٤).
وقال الرضا عليهالسلام : «وأقبل يوسف عليهالسلام على جمع الطّعام ، فجمع في السبع سنين المحصنة ، فكبسه في الخزائن ، فلمّا مضت تلك السنون ، وأقبلت السّنون المجدبة ، أقبل يوسف على بيع الطّعام ، فباعهم في السّنة الأولى بالدّراهم والدّنانير ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلا صار في ملك يوسف : وباعهم في السّنة الثانية بالحليّ والجواهر ، حتى لم يبق بمصر وما حولها حليّ ولا جواهر إلّا صار في ملكه. وباعهم في السّنة الثالثة بالدّوابّ والمواشي ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دابّة ولا ماشية إلا صار في ملكه ، وباعهم في السّنة الخامسة بالدّور والعقار ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار إلا صار في ملكه ، وباعهم في السّنة السادسة بالمزارع والأنهار ، حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة إلّا صار في ملكه ، وباعهم في السّنة السابعة برقابهم ، حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حرّ
__________________
(١) الكندوج : شبه المخزن ، معرب كندو «القاموس المحيط : ج ١ ، ص ٢١٢».
(٢) الأنابير : جمع أنبار : أكداس الطعام. «تاج العروس ـ نبر ـ ج ٣ ، ص ٥٥٣».
(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٤٥.
(٤) علل الشرائع : ص ١٢٥ ، ح ٤.