فلمّا خرجوا من عنده ، قال يوسف لأخيه : «أنا أخوك يوسف (فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). ثم قال له : «أنا أحبّ أن تكون عندي». قال : لا يدعني إخوتي ، فإنّ أبي قد أخذ عليهم عهد الله وميثاقه أن يردّوني إليه. قال : فأنا أحتال بحيلة ، فلا تنكر إذا رأيت شيئا ، ولا تخبرهم». فقال : لا. (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) وأعطاهم وأحسن إليهم ، قال لبعض قوّامه : «اجعلوا هذا الصاع في رحل هذا». وكان الصاع الذي يكيلون به من ذهب ، فجعلوه في رحله ، من حيث لم يقف عليه إخوته. فلمّا ارتحلوا ، بعث إليهم يوسف وحبهم ، ثم أمر مناديا ينادي : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ). فقال إخوة يوسف : (ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) أي كفيل (١).
وقال أبو جعفر الباقر عليهالسلام في قوله تعالى (صُواعَ الْمَلِكِ) طاسه الذي يشرب فيه» (٢).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام في قوله : (صُواعَ الْمَلِكِ) : «كان قدحا من ذهب ـ وقال ـ كان صواع يوسف إذا كيل به قال : لعن الله الخوّان ، ولا تخونوا به ، بصوت حسن» (٣).
نرجع إلى الرواية السابقة : فقال إخوة يوسف : (تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ) ، قال يوسف عليهالسلام : (فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ) فخذه واحبسه (فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ)
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٤٨.
(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ١٨٥ ، ح ٥١.
(٣) نفس المصدر : ج ٢ ، ص ١٨٥ ، ح ٥٢.