فتشبثوا بأخيه وحبسوه ، وهو قوله : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) أي احتلنا له : (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ).
فسئل الصادق عليهالسلام عن قوله : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ). قال : «ما سرقوا ، ما كذب يوسف عليهالسلام فإنّما عنى سرقتم يوسف من أبيه».
وقوله : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) أي يا أهل العير ، ومثله قولهم لأبيهم : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) يعني : أهل العير. فلما أخرج ليوسف الصواع من رحل أخيه ، قال إخوته : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) يعنون يوسف عليهالسلام : فتغافل يوسف عليهم ، وهو قوله : (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ)(١).
وقال الحسن بن عليّ الوشّاء : سمعت علي بن موسى الرضا عليهالسلام يقول : «كانت الحكومة في بني إسرائيل ، إذا سرق أحد شيئا استرقّ به ، وكان يوسف عليهالسلام عند عمّته وهو صغير ، وكانت تحبّه ، كانت لإسحاق عليهالسلام منطقة ألبسها يعقوب ، وكانت عند ابنته ، وإن يعقوب طلب يوسف أن يأخذه من عمته ، فاغتمّت لذلك ، وقالت له : دعه حتى أرسله إليك فأرسلته وأخذت المنطقة فشدّتها في وسطه تحت الثياب ، فلما أتى يوسف أباه ، جاءت وقالت : سرقت المنطقة ، ففتّشته ، فوجدتها في وسطه. فلذلك قال إخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) فقال لهم يوسف : فما جزاء من وجدنا في رحله؟ قالوا : هو جزاؤه. كما جرت السّنّة التي تجري فيهم ، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ، ثمّ استخرجها من وعاء
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٤٨.