هنا قال : (يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) فقالوا له : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) أي لا تفتؤ عن ذكر يوسف (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) أي ميتا (أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(١).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام قال : «قدم أعرابيّ على يوسف عليهالسلام ليشتري منه طعاما ، فباعه فلمّا فرغ قال له يوسف عليهالسلام : أين منزلك؟ قال له : بموضع كذا وكذا. فقال له : فإذا مررت بوادي كذا وكذا ، فقف وناد : يا يعقوب ، يا يعقوب ، فإنّه سيخرج لك رجل عظيم جميل وسيم ، فقل له : لقيت رجلا بمصر وهو يقرئك السّلام ، ويقول لك : إنّ وديعتك عند الله عزوجل لن تضيع».
قال : «فمضى الأعرابيّ حتى انتهى إلى الموضع ، فقال لغلمانه : احفظوا عليّ الإبل. ثمّ نادى : يا يعقوب ، يا يعقوب. فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتقي الحائط بيده حتى أقبل ، فقال له الرجل : أنت يعقوب؟ قال : نعم ، فأبلغه ما قال يوسف ، فسقط مغشيّا عليه ، ثمّ أفاق ، وقال للأعرابي : يا أعرابي ، ألك حاجة إلى الله عزوجل؟ فقال له : نعم ، إني رجل كثير المال ، ولي ابنة عمّ ليس يولد لي منها ، وأحبّ أن تدعو الله أن يرزقني ولدا. ـ قال ـ فتوضّأ يعقوب ، وصلّى ركعتين ، ثمّ دعا الله عزوجل ، فرزق أربعة بطون ـ أو قال : ستّة أبطن ـ في كل بطن اثنان.
فكان يعقوب عليهالسلام يعلم أن يوسف عليهالسلام حيّ لم يمت ، وأنّ الله تعالى ذكره سيظهره له بعد غيبته ، وكان يقول لبنيه : (إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) وكان بنوه وأهله وأقرباؤه يفنّدونه على ذكره ليوسف ، حتّى إنه لمّا وجد ريح يوسف ، قال : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللهِ
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٥٠.