تاج الملك على رأسه ، فأراد أن يراه أبوه على تلك الحالة ، فلمّا دخل أبوه لم يقم له ، فخرّوا له كلّهم سجّدا ، فقال يوسف : (يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(١).
ثمّ قال عليّ بن إبراهيم : وحدّثني محمد بن عيسى ، أنّ يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمّد بن عليّ بن موسى مسائل ، فعرضها على أبي الحسن عليهالسلام ، وكان أحدها : أخبرني عن قول الله عزوجل : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء؟
فأجاب أبو الحسن عليهالسلام : «أمّا سجود يعقوب وولده ليوسف ، فإنّه لم يكن ليوسف ، وإنما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة لله ، وتحيّة ليوسف ، كما كان السّجود من الملائكة لآدم ولم يكن لآدم ، وإنّما كان ذلك منهم طاعة لله وتحيّة لآدم ، فسجد يعقوب وولده وسجد يوسف معهم شكرا لله تعالى لاجتماع شملهم ، ألم تر أنّه يقول في شكره ذلك الوقت : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
فنزل عليه جبرئيل ، فقال له : يا يوسف ، اخرج يدك ، فأخرجها فخرج من بين أصابعه نور ، فقال : ما هذا النور ، يا جبرئيل؟ فقال : هذه النبوّة ، أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم لأبيك. فحطّ الله نوره ، ومحا النبوّة من صلبه ، جعلها في ولد لاوي أخي يوسف ، وذلك لأنّهم لما أرادوا قتل يوسف قال : (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ)(٢) فشكر الله له ذلك ، ولمّا
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٥٥.
(٢) يوسف : ١٠.