ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ، ولم تفزع إليّ؟ فالبث في السجن بضع سنين.
فقال يوسف : أسألك بحقّ آبائي عليك إلّا فرّجت عنّي. فأوحى الله إليه : يا يوسف وأيّ حقّ لآبائك عليّ ، إن كان أبوك آدم ، خلقته بيدي ، ونفخت فيه من روحي ، وأسكنته جنّتي ، وأمرته أن لا يقرب شجرة منها ، فعصاني وسألني فتبت عليه وإن كان أبوك نوح ، انتجبته من بين خلقي ، وجعلته رسولا إليهم ، فلمّا عصوا دعاني فاستجبت له فأغرقتهم وأنجيته ومن معه في الفلك ، وإن كان أبوك إبراهيم ، اتّخذته خليلا ، وأنجيته من النار ، وجعلتها عليه بردا وسلاما ، وإن كان أبوك يعقوب ، وهبت له اثني عشر ولدا ، فغيّبت عنه واحدا ، فما زال يبكي حتّى ذهب بصره ، وقعد على الطريق يشكوني إلى خلقي ، فأيّ حقّ لآبائك عليّ؟
قال : «فقال له جبرئيل : يا يوسف ، قل : أسألك بمنّك العظيم ، وإحسانك القديم ، ولطفك العميم ، يا رحمن يا رحيم. فقالها ، فرأى الملك الرؤيا فكان فرجه فيها» (١).
وقال عليهالسلام : «ثمّ رحل يعقوب وأهله من البادية ، بعدما رجع إليه بنوه بالقميص ، فألقوه على وجهه فارتد بصيرا ، فقال له : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) قال : أخّرهم إلى السّحر ، لأنّ الدعاء والاستغفار فيه مستجاب.
فلمّا وافى يعقوب وأهله وولده مصر ، قعد يوسف على سريره ، ووضع
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٥٢.