الناس بما فعل بأصحابهما.
ثم يدخل المدينة فتغيب عنهم عند ذلك قريش ، وهو قول علي بن أبي طالب عليهالسلام : والله لودّت قريش أن عندها موقفا واحدا جزر جزور بكلّ ما ملكت وكلّ ما طلعت عليه الشّمس أو غربت. ثم يحدث حدثا ، فإذا هو فعل ذلك قالت قريش : اخرجوا بنا إلى هذه الطاغية ، فو الله لو كان محمديّا ما فعل ، ولو كان علويّا ما فعل ، ولو كان فاطميّا ما فعل ، فيمنحه الله أكتافهم ، فيقتل المقاتلة ، ويسبي الذرّيّة ، ثم ينطلق حتى ينزل الشّقرة فيبلغه أنّهم قد قتلوا عامله ، فيرجع إليهم فيقتلهم مقتلة ليس قتل الحرّة إليها بشيء ، ثم ينطلق يدعو الناس إلى كتاب الله وسنّة نبيّه ، والولاية لعلي بن أبي طالب عليهالسلام والبراءة من عدوّه ، حتى إذا بلغ إلى الثعلبيّة (١) ، قام إليه رجل من صلب أبيه ، وهو من أشدّ الناس ببدنه ، وأشجعهم بقلبه ، ما خلا صاحب الأمر ، فيقول : يا هذا ، ما تصنع؟ فو الله إنك لتجفل الناس إجفال النّعم ، أفبعهد من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أم بماذا؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة : والله لتسكتن أو لأضربنّ الذي فيه عيناك.
فيقول له القائم عليهالسلام : اسكت يا فلان ، إي والله إن معي عهدا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هات لي ـ يا فلان ـ العيبة والطبقة واللّواء بعجلة ، فيأتيه بها ، فيقرئه العهد من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيقول : جعلني الله فداك ، أعطني رأسك أقبّله ، فيعطيه رأسه فيقبّله بين عينيه ، ثم يقول : جعلني الله فداك ، جدّد لنا بيعة ، فيجدّد لهم بيعته».
قال أبو جعفر عليهالسلام : «لكأنّي أنظر إليهم مصعدين من نجف الكوفة ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا ، كأنّ قلوبهم زبر الحديد ، جبرئيل عن يمينه ،
__________________
(١) الثعلبية : قرية من منازل طريق مكة. «معجم البلدان ٢ : ٧٨».