مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٦٦) [الأنفال : ٦٥ ـ ٦٦]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : قال : كان الحكم في أوّل النبوّة في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الرّجل الواحد وجب عليه أن يقاتل عشرة من الكفّار ، فإن هرب منهم فهو الفارّ من الزّحف ، والمائة يقاتلون ألفا ، ثم علم الله أن فيهم ضعفا لا يقدرون على ذلك ، فأنزل الله : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) ، ففرض الله عليهم أن يقاتل رجل من المؤمنين رجلين من الكفار ، فإن فرّ منهما فهو الفارّ من الزّحف ، فإن كانوا ثلاثة من الكفار وواحدا من المسلمين ، ففرّ المسلم منهم ، فليس هو الفارّ من الزّحف (١). وهو نفس المضمون ذكر عن أبي عبد الله عليهالسلام (٢).
وقال جدّ عمرو بن أبي المقدام : ما أتى عليّ يوم قطّ أعظم من يومين أتيا عليّ ، فأمّا اليوم الأول فيوم قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأما اليوم الثاني فو الله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة ، عن يمين أبي بكر ، والناس يبايعونه ، إذ قال له عمر : يا هذا ، ليس في يديك شيء ما لم يبايعك عليّ ، فابعث إليه حتى يأتيك يبايعك ، فإنما هؤلاء رعا. فبعث إليه قنفذا فقال له : اذهب فقل لعليّ : أجب خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فذهب قنفذ ، فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر : قال لك : «ما خلّف رسول الله أحدا غيري».
قال : ارجع إليه فقل : أجب ، فإنّ الناس قد أجمعوا علي بيعتهم إياه ، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يبايعونه ، وقريش ، وإنما أنت رجل من المسلمين ، لك ما لهم وعليك ما عليهم. فذهب إليه فنقذ ، فما لبث أن
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٢٧٩.
(٢) التهذيب : ج ٦ ، ص ١٧٤ ، ح ٣٤٢.