رجع ، فقال : قال لك : «إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لي وأوصاني أن إذا واريته في حفرته لا أخرج من بيتي حتى أؤلّف كتاب الله ، فإنه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل». قال : قال عمر : قوموا بنا إليه.
فقام أبو بكر وعمر وعثمان ، وخالد بن الوليد ، والمغيرة بن شعبة ، وأبو عبيدة ابن الجرّاح ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وقنفذ ، وقمت معهم ، فلما انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة (صلوات الله عليها) أغلقت الباب في وجوههم ، وهي لا تشك أن لا يدخل عليها إلّا بإذنها ، فضرب عمر الباب برجله فكسره وكان من سعف ، ثم دخلوا فأخرجوا عليّا عليهالسلام ملببا (١). فخرجت فاطمة عليهالسلام فقالت : «يا أبا بكر ، أتريد أن ترمّلني من زوجي ، والله لئن لم تكفّ عنه لأنشرنّ شعري ، ولأشقنّ جيبي ولآتينّ قبر أبي ولأصيحنّ إلى ربي» فأخذت بيد الحسن والحسين عليهالسلام وخرجت تريد قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال عليّ عليهالسلام لسلمان : «أدرك ابنة محمد ، فإني أرى جنبي المدينة يكفيان ، والله إن نشرت شعرها ، وشقّت جيبها ، وأتت قبر أبيها ، وصاحت إلى ربها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها».
فأدركها سلمان فقال : يا بنت محمد ، إن الله إنّما بعث أباك رحمة ، فارجعي. فقالت : «يا سلمان ، يريدون قتل عليّ ، ما على عليّ صبر ، فدعني حتى آتي قبر أبي فأنشر شعري ، وأشقّ جيبي ، وأصيح إلى ربي». فقال سلمان : إني أخاف أن يخسف بالمدينة ، وعليّ بعثني إليك ويأمرك أن ترجعي إلى بيتك وتنصرفي ، فقالت : «إذن أرجع وأصبر وأسمع له وأطيع».
فأخرجوه من منزله ملبّبا ، ومرّوا به على قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : فسمعته
__________________
(١) لببته : إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره وجررته به ، وأخذت بتلبيب فلان : إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضت عليه تجرّه. «النهاية ٤ : ٢٢٣».