الحال في صيغ العقود والإيقاعات (١).
نعم (٢) ؛ لا مضايقة في دلالة مثل صيغة الطلب والاستفهام والترجي والتمني ـ بالدلالة الالتزامية ـ على ثبوت هذه الصفات حقيقة ، إما لأجل وضعها (٣)
______________________________________________________
والملكية والحرية ؛ ونحوها من الأمور الاعتبارية التي تترتب عليها أحكام شرعا ؛ كوجوب النفقة ، وجواز الوطء والتوارث ، وحرمة التزويج بالخامسة ، وحرمة الجمع بين الأختين وغيرها من الأحكام الشرعية المترتبة على الزوجية. وكذا الحال في إنشاء الملكية واعتبارها ، والملكية الاعتبارية منشأ للأحكام الشرعية ؛ كجواز التصرف ، وحرمة التصرف.
وكيف كان ؛ فالوجوب والحرمة وصفان اعتباريان منتزعان من الطلب الإنشائي ـ وقيل من الطلب الحقيقي ـ والملكية تنتزع من التمليك الإنشائي.
(١) أي : الفرق بينهما : أن الأول : ما يتوقف على الطرفين كالبيع والنكاح ونحوهما ، هذا بخلاف الثاني حيث يكفي فيه طرف واحد كالطلاق والعتق.
(٢) هذا استدراك على ما ذكره ؛ من كون الصيغ الإنشائية موجدة لمعانيها وجودا إنشائيا لا وجودا حقيقيا ، يعني : أن مدلولها المطابقي هو إنشاء مفاهيمها ، ولكن يمكن الالتزام بدلالتها على وجود تلك الصفات حقيقة أيضا بالدلالة الالتزامية العقلية ؛ بأن كانت موضوعة لإنشاء معانيها ؛ بشرط أن يكون الداعي إلى إنشائها ثبوت تلك الصفات في النفس ، فإنشاء الترجي بكلمة ـ لعل ـ أو التمني بكلمة ـ ليت ـ إنما يصح إذا كان ناشئا عن ترجّ نفساني ، أو تمنّ كذلك ، أو الدلالة الالتزامية العرفية الناشئة عن كثرة الاستعمال في إنشاء المفاهيم بداعي وجود تلك الصفات في النفس ، وهذه الكثرة توجب انصراف الإطلاق إلى وجود تلك الصفات.
وبالجملة : فدلالة الصيغ الإنشائية على وجود الصفات في النفس ؛ إما التزامية عقلية وضعية ، وإما عرفية إطلاقية ، «فتوهم» دلالة الجمل الخبرية وضعا على العلم بثبوت النسبة أو لا ثبوتها ، وكذا توهم دلالة الجمل الإنشائية على نفس تلك الصفات «فاسد» ، بل الدلالة على ذلك التزامية كما عرفت ؛ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٣٩٧».
فالأوصاف الباطنية المذكورة ليست مدلولات مطابقية لهذه الألفاظ ، بل إنها مدلولات التزامية لها.
(٣) أي : وضع «صيغة الطلب والاستفهام ..» إلخ.