.................................................................................................
______________________________________________________
٣ ـ الكلام في الجهة الرابعة وهي : الإشكالات الواردة على الواجب المعلق غير ما مر من الشيخ والمصنف.
الإشكال الأول : الذي أشار إليه بقوله : «ثم إنه ربما حكي عن بعض أهل النظر.» وهو المحقق النهاوندي ، وخلاصة ما أفاده من الإشكال على الواجب المعلق : أن الإرادة التشريعية كالإرادة التكوينية في عدم الانفكاك عن المراد ، فكما أن الإرادة التكوينية يستحيل انفكاكها عن المراد ـ لأنها عبارة عن الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات ـ فكذلك يستحيل انفكاك الإرادة التشريعية عن المراد وهو فعل الغير ، فهي لا تنفك عن حركة الغير إلى الفعل ، فالتعليق باطل لاستلزامه انفكاك الإرادة عن المراد ، ولازم ذلك : امتناع الواجب المعلق لكون المراد فيه متأخرا عن الإرادة زمانا.
وقد أجاب المصنف عن هذا الإشكال بوجوه :
الوجه الأول : ما أشار إليه بقوله : «وفيه : أن الإرادة تتعلق بأمر متأخر استقبالي ...» إلخ ، وخلاصة هذا الوجه من الجواب : أن المستشكل قد قاس الإرادة التشريعية بالإرادة التكوينية بعدم انفكاك المراد عن الإرادة ، والمصنف يقول : بعدم امتناع انفكاك الإرادة التكوينية عن المراد ، فتتعلق الإرادة التكوينية بأمر استقبالي فيما إذا كان المراد بعيد المسافة ، ومما يحتاج إلى مقدمات كثيرة محتاجة إلى زمان طويل ، كطي المسافات ، مثلا : نفرض أن المراد هو تحصيل المال الذي يحتاج تحصيله إلى السفر المحتاج إلى المقدمات العديدة ، فينفك المراد عن الإرادة ؛ لأن فعل المقدمات لا يكون له إرادة مستقلة ، بل إرادتها تبعية مترشحة عن إرادة ذيها ، فالإرادة التكوينية تنفك عن المراد المنوط بتمهيد مقدمات ومضي زمان ، فالإرادة التشريعية تنفك عن المراد بطريق أولى.
الوجه الثاني : ما أشار إليه بقوله : «وقد غفل ...» إلخ ، وحاصله : منع اعتبار التحريك الفعلي في تعريف الإرادة ؛ بل المراد من حركة العضلات هي : مطلق الحركة فعلية كانت أو شأنية ، فيكفي في تحقق الإرادة أن تكون حركة العضلات استقبالية ، نعم ؛ يعتبر فيها التحريك الفعلي حين إيجاد المراد ، ففي المراد الاستقبالي وإن كان يلزم انفكاك الإرادة عن التحريك الفعلي ؛ إلّا إنه لا ضير فيه بعد منع اعتبار التحريك الفعلي في الإرادة وكفاية التحريك في موطنه.
الوجه الثالث : ما أشار إليه بقوله : «هذا مع أنه لا يكاد يتعلق البعث إلّا بأمر متأخر عن زمان البعث ...» إلخ ، ومرجع هذا الوجه الثالث : إلى بطلان قياس الإرادة التشريعية