مطلوبات لأجل الغايات التي هي خارجة عن حقيقتها فتأمل (١).
ثم إنه (٢) لا إشكال فيما إذا علم بأحد القسمين ، وأما إذا شك في واجب أنه نفسي أو غيري ، فالتحقيق : أن الهيئة وإن كانت موضوعة لما يعمهما ؛ إلّا إن إطلاقها يقتضي كونه نفسيا ، فإنه لو كان شرطا لغيره لوجب التنبيه عليه على المتكلم الحكيم.
______________________________________________________
مطلوبة ؛ بل لحسنه الذاتي ، فحينئذ لا يلزم اندراج الواجبات النفسية في الواجبات الغيرية.
(١) لعله إشارة إلى : أن إرجاع تفسير الواجب النفسي : «بما أمر به لنفسه» ، والغيري : «بما أمر به لأجل غيره بما ذكره المصنف خلاف الظاهر ؛ لأن ظاهرهم أن وجوب الواجب النفسي كان بملاحظة تلك الغايات.
أو إشارة إلى أن تفسير الواجب النفسي ـ بما كان وجوبه لأجل كونه معنونا بعنوان حسن يستقل به العقل ـ لا يخلو من إشكال ؛ إذ لا حسن ذاتيا في بعض الواجبات النفسية كدفن الميت المسلم ؛ فإن وجوبه ليس لحسنه في نفسه ، مع الغض عن المصالح المترتبة عليه مثل احترامه وحفظه عن أكل السباع ، وكتم رائحته المؤذية عن الانتشار.
وكيف كان ؛ فتفسير الواجب النفسي بما وجب لأجل حسنه الذاتي غير وجيه.
(٢) أي : ما تقدم من الفرق بين الواجب النفسي والغيري إنما هو في مقام الثبوت ، وغرضه من هذا الكلام هو : التكلم في مقام الإثبات بعد الفراغ عن مرحلة الثبوت.
وأما توضيح مقام الإثبات فيتوقف على مقدمة وهي : إن هناك احتمالات :
١ ـ أن يعلم من الدليل كون الواجب نفسيا ؛ من دون فرق بين ما كان الدليل هو نفس دليل الأمر ، أم كان خارجيا كالصلوات اليومية ، إذ قد علم من نحو : (أقيموا الصّلاة) أن الصلاة واجب نفسيّ.
٢ ـ أن يعلم من الدليل بأن الواجب غيري كالطهارة ، فقد علم من نحو قوله تعالى : (إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين)(١) ؛ أن الوضوء واجب غيري ؛ لمكان تقييد وجوبه بالقيام إلى الصلاة ، هذا مضافا إلى قيام الإجماع بل الضرورة على كون وجوبه غيريا ، ومن المعلوم : أن الإجماع دليل خارجي على وجوب الوضوء ، والمستفاد من نحو : (أقيموا الصّلاة) هو : كون وجوب الصلاة نفسيا لمكان الإطلاق.
٣ ـ أن لا يعلم أن الواجب نفسي أو غيري.
__________________
(١) سورة المائدة : آية ٦.