ولعمري : إنه (١) من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق.
فالطلب الحقيقي (٢) إذا لم يكن قابلا للتقييد لا يقتضي أن لا يكون مفاد الهيئة قابلا له ، وإن تعارف تسميته (٣) بالطلب أيضا ، وعدم تقييده (٤) بالإنشائي لوضوح : إرادة خصوصه ، وإن الطلب الحقيقي لا يكاد ينشأ بها (٥) كما لا يخفى.
______________________________________________________
(١) أي : أن هذا الاشتباه من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق ؛ أي : اشتبه مفهوم الطلب الإنشائي بمصداق الطلب الحقيقي ؛ لأن الطلب الحقيقي من مصاديق مفهوم الطلب ، فالشيخ «قدسسره» أجرى حكم مصداق الطلب الذي هو عدم إمكان تقييده على مفهوم الطلب الذي هو مفاد صيغة الأمر القابل للتقييد ، أو قل : إن ما هو مفهوم الطلب حكم عليه بأنه مصداق الطلب.
وكيف كان ؛ فالتعبير عن مفاد الصيغة بالطلب ـ بلا ذكر قيد الإنشائي ـ موجب لتوهم أن مرادهم : أن مفاد الصيغة إنشاء لمصداق الطلب الحقيقي الغير قابل للتقييد ، وقد غفل المتوهم عن أن مرادهم أن مفادها إنشاء مفهوم الطلب القابل للتقييد ، فعدم تعبيرهم بالطلب الإنشائي إنما هو لوضوحه ، لا لعدم كونه مرادا.
(٢) أي : ما هو مصداق لمفهوم الطلب الذي هو مفاد الهيئة عند الشيخ «قدسسره» ، فإن عدم قابليته للتقييد لا يوجب عدم قابلية مفهوم الطلب له ، وإن جرى الاصطلاح على تسمية مفاد الهيئة بالطلب أيضا ؛ وذلك لكمال الفرق بين الطلبين ، فإن الأول مصداق خارجي ، ووصف نفساني غير قابل للتقييد بخلاف الثاني ؛ فإنه مفهوم كلي قابل له ، وقابلية المفهوم للتقييد لا تستلزم قابلية المصداق له ، كما إن عدم قابلية المصداق لا يستلزم عدم قابلية المفهوم له.
(٣) أي : وإن تعارف تسمية مفاد الهيئة بالطلب أيضا ؛ أي : كتعارف تسمية الطلب الحقيقي الخارجي به.
(٤) أي : الطلب. قوله : «وعدم تقييده ...» إلخ مبتدأ ، و «لوضوح إرادة خصوصه» خبر له.
والغرض من هذا الكلام هو : الاعتذار عن تقييد مفاد الهيئة ـ وهو الطلب ـ بالإنشائي ، وحاصل الاعتذار ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٢٤٥» ـ أن وضوح امتناع إيجاد الطلب الحقيقي التكويني بالإنشاء قرينة على إرادة خصوص الطلب الإنشائي من الهيئة ، وإن كان حمل الطلب عليه مطلقا غير مقيّد بالإنشائي فلا حاجة إلى تقييده بالإنشائي.
(٥) أي : بالهيئة ؛ لما مرّ من امتناع إيجاد الطلب الحقيقي بالإنشاء.