وأما إذا قصده ولكنه لم يأت بها بهذا الداعي ؛ بل بداع آخر أكده بقصد التوصل ، فلا يكون متجرئا أصلا.
وبالجملة : يكون التوصل بها (١) إلى ذي المقدمة من الفوائد المترتبة على المقدمة
______________________________________________________
الأول : أن لا يكون المكلف الداخل في أرض الغير ـ بدون إذنه ـ ملتفتا إلى توقف الواجب الفعلي على الدخول.
الثاني : أن يكون ملتفتا إلى ذلك ، وعليه : تارة : يقصد التوصل به مع انحصار الداعي فيه وهو إنقاذ الغريق. وأخرى : مع تعدد الداعي ؛ بأن يكون الداعي هو السرقة أو السياحة في البستان ، مع قصد التوصل بالدخول إلى إنقاذ الغريق ؛ بأن يكون الثاني مؤكدا للأول. وثالثة : بأن لا يقصد التوصل أصلا.
وأما الأقوال فهي ثلاثة :
الأول : هو وجوب الدخول واقعا على جميع الاحتمالات ؛ لكونه مقدمة للواجب ، غاية الأمر : يكون المكلف متجرئا ظاهرا حسب الاحتمال الأول ؛ لأنه دخل في الأرض المغصوبة باعتقاد الحرمة ، فأتى بما هو واجب واقعا باعتقاد حرمته ؛ إذ المفروض : عدم التفاته إلى توقف الواجب عليه. هذا هو المشهور ، ومختار المصنف «قدسسره».
الثاني : هو مذهب الشيخ الأنصاري حيث يقول باعتبار قصد التوصل بالمقدمة إلى ذيها في وقوعها على صفة الوجوب ، فإن اعتبر استقلال قصد التوصل بها إلى ذيها كان الدخول حراما ومعصية حسب الاحتمال الأول والثالث والرابع ؛ لانتفاء قصد التوصل في الأول والرابع ، وانتفاء استقلاله في الثالث. وواجبا حسب الاحتمال الثاني. وأما لو لم يعتبر في وجوب المقدمة استقلال قصد التوصل لكان الدخول واجبا في الصورة الثانية والثالثة ، وحراما في الصورة الأولى والرابعة.
الثالث : هو مذهب صاحب الفصول حيث يقول بوجوب المقدمة الموصلة ، فاعتبر الإيصال في وجوبها ، فلا يكون الدخول واجبا إلّا فيما أنقذ الغريق ، وكان حراما فيما لم يترتب عليه الواجب وهو انقاذ الغريق في المثال المذكور. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح كلام المصنف فتدبر.
(١) أي : يكون التوصل بالمقدمة إلى ذيها من الفوائد المترتبة على المقدمة الواجبة.
وحاصل الكلام في المقام : أن التوصل بسبب المقدمة إلى ذي المقدمة ـ بناء على وجوب المقدمة مطلقا كما هو المشهور ومختار المصنف ـ يكون من الفوائد المترتبة على المقدمة الواجبة ؛ لا أن قصد التوصل قيد للمقدمة كقيدية الطهارة مثلا للصلاة ، حتى يكون اتصاف المقدمة بالوجوب منوطا بقصد التوصل «لثبوت ملاك الوجوب» وهو