وأن دعوى : أن الضرورة قاضية بجوازه مجازفة (١) ، كيف يكون ذا (٢) مع ثبوت الملاك في الصورتين بلا تفاوت أصلا؟ كما عرفت (٣).
نعم (٤) ؛ إنما يكون التفاوت بينهما في حصول المطلوب النفسي في إحداهما ، وعدم حصوله في الأخرى ، من دون دخل لها (٥) في ذلك أصلا ؛ بل كان بحسن
______________________________________________________
أوامره ونواهيه ؛ لكونه خلاف حكم العقل ، فهذا الكلام من المصنف شروع في الجواب عن الوجه الثاني ، فما ذكره صاحب الفصول في الوجه الثاني من : أن الضرورة قاضية بجواز تصريح الآمر بذلك ممنوع ؛ بل ليس للآمر الحكيم ذلك التصريح بأن يقول : لا أريد المقدمة التي لا يتوصل بها إلى الواجب.
(١) أي : أن دعوى صاحب الفصول بأن الضرورة قاضية بجواز التصريح مجازفة ، أي : حكم بلا دليل أصلا.
(٢) أي : «كيف يكون ذا» أي : جواز التصريح بعدم مطلوبية المقدمة غير الموصلة مع ثبوت الملاك ـ وهو تمكن المكلف من الإتيان بالواجب ـ «في الصورتين» ، وهما ترتب ذي المقدمة على المقدمة وعدمه.
(٣) أي : عرفت غير مرة في ردّ الشيخ الأنصاري حيث قال باعتبار قصد التوصل في اتصاف المقدمة بالوجوب ، وقلنا هناك : إنه ليس الغرض من المقدمة إلّا حصول التمكن على الواجب.
(٤) هذا استدراك على قوله : «بلا تفاوت أصلا» أي : لا تفاوت بين الموصلة وغيرها إلّا في حصول الواجب النفسي في الموصلة ، وعدمه في غيرها ، لكن هذا لا يوجب تفاوتا بينهما في ملاك الوجوب ، الذي هو المهم والمناط في وجوب المقدمة.
(٥) أي : من دون دخل للمقدمة «في ذلك» الحصول وعدمه ؛ بل حصول الواجب بعد المقدمة إنما هو مستند إلى حسن اختيار المكلف ، كما أن عدم حصوله مستند إلى سوء اختياره ؛ لأن ما كان من طرف المقدمة تامّ في كلتا الصورتين ، ومن لوازم التفاوت المزبور هو : جواز تصريح الآمر بحصول المطلوب النفسي في المقدمة الموصلة ، وعدم حصوله في الأخرى ، إلّا إن هذا ليس كجواز التصريح بعدم مطلوبية المقدمة غير الموصلة ، ـ كما هو في الفصول ـ لما عرفت : من عموم ملاك الوجوب للمقدمة مطلقا وإن لم تكن موصلة ، فالتصريح بعدم مطلوبية غير الموصلة ، مع عموم ملاك الوجوب قبيح ، فالشاهد العرفي الذي أقامه صاحب الفصول بقوله : «بل الضرورة قاضية بجواز تصريح الآمر بمثل ذلك» لا يشهد بما رامه صاحب الفصول. وقوله : «جاز» جواب حيث في قوله : «وحيث إن الملحوظ بالذات ...» إلخ.