الآخر المجرد ، وهذا يكفي في إثبات الحرمة ، وإلّا لم يكن الفعل المطلق محرما فيما إذا كان الترك المطلق واجبا ؛ لأن (١) الفعل أيضا (٢) ليس نقيضا للترك ، لأنه (٣) أمر وجودي ، ونقيض الترك إنما هو رفعه (٤) ، ورفع الترك إنما يلازم الفعل مصداقا ، وليس عينه ، فكما أن هذه الملازمة (٥) تكفي في إثبات الحرمة لمطلق الفعل ، فكذلك تكفي في المقام (٦) ، غاية الأمر (٧) : أن ما هو النقيض في مطلق الترك ، إنما ينحصر مصداقه في الفعل فقط ، وأما النقيض للترك الخاص فله فردان ، وذلك لا يوجب فرقا فيما نحن بصدده ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
كان نقيض كل شيء رفعه ؛ كان نقيض الترك الخاص ـ أي : الموصل ـ رفع هذا الترك الخاص. ومن المعلوم : أنه أعم من الفعل ـ كالإتيان بالصلاة في المثال ـ ومن الترك غير الموصل إلى الإزالة ؛ كترك الصلاة بدون الإتيان بالإزالة ، وكون فعل الصلاة من لوازم النقيض كاف في ثبوت الحرمة لها المقتضية لفسادها.
(١) تعليل لقوله : «وإلّا لم يكن الفعل المطلق محرما» أي : إن لم يكف كون الفعل لازما للنقيض في حرمته وفساده ، لم يكن وجه لحرمته فيما إذا كان الواجب الترك المطلق ، لا خصوص الموصل منه ، وذلك لأن الفعل حينئذ ليس نقيضا للترك الواجب حتى يصير منهيا عنه ، لأن الفعل أمر وجوديّ ، ونقيض الترك الواجب أمر عدمي ؛ لأن نقيض كل شيء رفعه ، فنقيض الترك رفعه.
ومن المعلوم : أن رفع الترك ليس عين الفعل ، بل هو ملازم للفعل مصداقا ، فكما تكون هذه الملازمة كافية في ثبوت الحرمة للعبادة في صورة كون الواجب مطلق الترك ؛ فكذلك تكون كافية في ثبوت الحرمة للعبادة في صورة كون الواجب خصوص الترك الموصل ، فلا فرق في فساد العبادة بين المقدمة الموصلة وغيرها.
(٢) أي : كما لا يكون الفعل نقيضا للترك الموصل ؛ كذلك لا يكون نقيضا للترك المطلق.
(٣) أي : الفعل أمر وجوديّ ، ونقيض الترك أمر عدميّ ؛ لأنه رفع هذا الترك ، والعدمي ليس عين الفعل حتى يتحد معه ، بل يلازم الفعل.
(٤) أي : رفع الترك بمعنى : عدم الترك.
(٥) أي : الملازمة بين رفع الترك المطلق ، وبين الفعل.
(٦) أي : وهو كون الواجب خصوص الترك الموصل.
(٧) إشارة إلى : الفرق بين كون الترك المطلق واجبا ، وبين كون الترك الخاص ـ وهو الموصل ـ واجبا.