وربما أورد (١) على تفريع هذه الثمرة بما حاصله : بأن فعل الضد وإن لم يكن نقيضا للترك الواجب مقدمة ، بناء على المقدمة الموصلة ، إلّا إنه لازم لما هو من أفراد النقيض ، حيث (٢) إن نقيض ذاك الترك الخاص رفعه ، وهو أعم من الفعل والترك
______________________________________________________
(١) هذا الإيراد من صاحب التقريرات (١) المنسوب إلى الشيخ الأنصاري «قدسسره» ، وغرضه «قدسسره» : إبطال الثمرة ، وإثبات فساد العبادة ـ كالصلاة في المثال ـ مطلقا وإن قلنا بوجوب خصوص المقدمة الموصلة.
وحاصل الإيراد على الثمرة المذكورة : أن الفعل على كلا القولين لا يكون نقيضا للواجب ؛ لأن نقيض كل شيء رفعه ، فنقيض مطلق الترك هو : عدمه ، وهو ينطبق على الفعل ، كما أن نقيض الترك الموصل عدمه ، وهو ينطبق على الفعل وعلى الترك غير الموصل.
وعليه : فكما يكون الفعل حراما على القول بوجوب مطلق الترك ، مع إنه ليس بنقيض وإنما هو مصداق ما هو النقيض ، كذلك كونه حراما على القول بوجوب المقدمة الموصلة ، لأنه مصداق النقيض أيضا. وإنما النقيض على هذا القول له فردان ، وعلى القول الأول له فرد واحد وهو فرق غير فارق ، فالعبادة محرمة على كلا القولين في الفرض المذكور ، فما ذكره صاحب الفصول من صحة العبادة على القول بوجوب المقدمة الموصلة ، وفسادها على القول بوجوب مطلق المقدمة ؛ لا يرجع إلى محصل صحيح. وتوضيح هذا الايراد بعبارة أخرى يتوقف على مقدمة وهي : أن المقرر في علم المنطق والميزان : هو كون نقيض الأخص أعم ، ونقيض الأعم أخص ، فإن الإنسان ـ الذي هو أخص من الحيوان ـ يكون نقيضه ـ وهو اللاإنسان ـ أعم من اللاحيوان الذي هو نقيض الحيوان.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن فيما نحن فيه يكون نقيض الترك الخاص ـ أعني : الموصل إلى ذي المقدمة ـ أعم من نقيض الترك المطلق ، فيكون لترك الترك الخاص فردان : أحدهما : فعل الصلاة. والآخر : الترك المجرد عن الإيصال ، ومن البديهي : أنه ـ بناء على حرمة النقيض ـ لا بد من الحكم بسراية الحرمة إلى جميع ما ينطبق عليه من الأفراد ، وعليه : فالصلاة فاسدة حتى على القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة ، فالثمرة التي أفادها في الفصول ليست بتامة ، ولا تترتب على المقدمة الموصلة.
(٢) قوله : «حيث» تعليل لقوله : «إلّا إنه لازم لما هو من أفراد النقيض» بتقريب : أنه لمّا
__________________
(١) راجع : مطارح الأنظار ، ج ١ ، ص ٣٧٩.