نعم ؛ (١) لا بد أن لا يكون الملازم محكوما فعلا بحكم آخر على خلاف حكمه ، لا أن يكون محكوما بحكمه ، وهذا بخلاف الفعل في الثاني ؛ (٢) فإنه بنفسه يعاند الترك
______________________________________________________
صحة العبادة على القول بالمقدمة الموصلة ، وفسادها بناء على القول بوجوب مطلق المقدمة ـ في غاية المتانة.
والمراد بالأول : في قوله : «فإن الفعل في الأول» هو : كون الترك المقيد بالإيصال مقدمة ، وإنما يكون هو الأول ؛ لأنه المبتدأ به في إيراد الشيخ ، حيث قال : «وربما أورد على تفريع هذه الثمرة بما حاصله : إن فعل الضد ...» إلخ ، وإلّا فالأول فيما أفاده بقوله : «غاية الأمر : أن ما هو النقيض ...» إلخ هو نقيض الترك المطلق ؛ لا نقيض الترك المقيد بالإيصال ، كما في «منتهى الدراية».
(١) قوله «نعم ...» إلخ دفع لتوهم كون الملازم محكوما بحكم فعلي على خلاف حكم الملازم الآخر.
وحاصل الدفع : أنه يعتبر أن لا يكون الملازم محكوما فعلا بحكم على خلاف الملازم الآخر ، لا أن يكون محكوما بحكمه.
توضيح ذلك : أنه لو تحقق التلازم بين شيئين ؛ كاستقبال المشرق واستدبار المغرب ، فوجوب استقبال المشرق لا يستلزم وجوب استدبار المغرب ـ هذا معنى قوله : «لا أن يكون محكوما بحكمه» ـ نعم ؛ يعتبر أن لا يكون الملازم محكوما بحكم مخالف لحكم الملازم الآخر ؛ بأن لا يكون استدبار المغرب محكوما بالحرمة ؛ بل يكون بلا حكم.
(٢) وهو كون الترك المطلق واجبا ، فإن الفعل كالصلاة بنفسه يعاند الترك المطلق ، ويناقضه ، لا أنه ملازم لما يعاند الترك وينافيه ، فلا محالة تسري حرمة الترك إلى الفعل ، ويصير حراما ـ بناء على كون الأمر بالشيء مقتضيا للنهي عن ضده ـ فإن الأمر بترك الصلاة مقدمة للإزالة يقتضي النهي عن ضده ، أعني : الصلاة ، فتبطل.
هذا بخلاف القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة ؛ حيث لا تكون باطلة بل أنها صحيحة ؛ لأن فعلها حينئذ ليس نقيضا للترك الموصل الواجب مقدمة للإزالة ؛ بل من مقارنات النقيض ، ومن المعلوم : أن حرمة النقيض لا تسري إلى ملازمه فضلا عن مقارنه.
وقد أشار المصنف بقوله : «فلو لم يكن عين ما يناقضه» إلى أن المعنى الاصطلاحي في النقيض يقتضي ما ذكرناه ؛ من كون الفعل بنفسه مناقضا للترك ، لأن السلب والعدم نقيضين للإيجاب والوجود ؛ إذا المراد بالرفع في قولهم : نقيض كل شيء رفعه هو : الجامع بين المصدر المبني للفاعل ، وبين المصدر المبني للمفعول ، بحيث يشمل الرفع كلا من الرافع والمرفوع ، وعليه : فيصدق النقيض على كل من الإنسان واللاإنسان ؛ إذ كل منهما