.................................................................................................
______________________________________________________
ليس للآمر الحكيم التصريح بعدم مطلوبية غير الموصلة ، وليس الغرض من الأمر بالمقدمة الإيصال بها إلى ذيها ؛ بل الغرض هو تمكن المكلف من الواجب ، وهو ثابت لمطلق المقدمة ، فالواجب هو مطلق المقدمة لا خصوص المقدمة الموصلة.
نعم ؛ هناك تفاوت بين المقدمة الموصلة وغيرها ؛ وهو حصول المطلوب النفسي في المقدمة الموصلة دون غيرها ، ولا دخل لهذا التفاوت في وجوب المقدمة الموصلة ؛ بل هذا التفاوت ناش عن حسن اختيار المكلف وسوء اختياره.
٦ ـ منشأ توهم صاحب الفصول لوجوب المقدمة الموصلة :
هو خلطه بين الجهة التقييدية والجهة التعليلية ، فجعل ما هو الجهة التعليلية جهة تقييدية ، فإن التوصل بالمقدمة إلى ذيها علة لوجوب المقدمة ، فيكون من الجهات التعليلية ، ولكن الفصول جعله قيدا لمتعلق الوجوب ومعروضه ؛ حيث قال : إن المقدمة الواجبة هي المقيدة بالإيصال ، فيكون التوصل من الجهات التقييدية حسب زعم صاحب الفصول ، فينتفي وجوب المقدمة عند انتفاء هذا القيد ؛ لأن الفرق بين الجهة التعليلية والتقييدية أولا : أن الأولى : من مبادئ نفس الحكم وعلله. والثانية : من قيود متعلق الحكم ومعروضه. وثانيا : أن الحكم لا ينتفي بانتفاء الجهة التعليلية ؛ لإمكان مدخلية العلة حدوثا لا بقاء ، وينتفي الحكم بانتفاء الجهة التقييدية ، وما ذكره الفصول إنما يتم إذا كان التوصل قيدا لمتعلق الحكم لا فيما إذا كان علة للحكم ، ويتم فيما إذا كان التوصل غاية لوجوب المقدمة ، فإذا لم تحصل هذه الغاية لم تجب المقدمة ، وليس الأمر كذلك أي : لا يكون التوصل قيدا ولا غاية ؛ لأن الغاية هي حصول التمكن من الواجب.
٧ ـ وهناك دليل آخر على وجوب خصوص المقدمة الموصلة : وهذا الدليل منسوب إلى السيد الفقيه صاحب العروة ، وحاصل هذا الدليل : أن جواز تحريم المولى المقدمات بأنحائها ـ إلّا الموصلة منها ـ يدل على عدم وجوب غير الموصلة ، وأن الواجب منها هو خصوص الموصلة ؛ إذ لو وجب غيرها لما جاز تحريم المولى إياه ، فجواز المنع عن جميع المقدمات ـ إلّا الموصلة ـ كاشف عن وجوب خصوص الموصلة وهو المطلوب.
وقد أجاب المصنف عن هذا الدليل أولا : بما حاصله : أن النهي عن جميع المقدمات ـ إلّا الموصلة ـ محل نظر. وحاصل النظر والإشكال : أنه يلزم من المنع المذكور أحد محذورين هما : طلب الحاصل ، وعدم كون ترك الواجب عصيانا ؛ لأن عنوان الموصلية لا يحصل للمقدمة إلّا بعد ترتب الواجب عليها. ومن البديهي : أن بعد وجود الواجب