.................................................................................................
______________________________________________________
يعقل أن يكون ترتب الواجب على المقدمة هو الغرض الداعي إلى الإيجاب ؛ لأن الترتب ليس بأثر تمام المقدمات ، فضلا عن أن يكون أثر إحداها في غالب الواجبات ، فإن الواجب فعل اختياري ، فتارة : يختار المكلف إتيان ذلك الفعل بعد وجود مقدماته ، وأخرى : يختار عدم إتيان الفعل الواجب ، فلا شك في بطلان القول بأن الغرض من المقدمة هو : ترتب الواجب عليها. هذا مضافا إلى أن هناك دليلا آخر على بطلان ترتب الواجب على المقدمة ، وهذا الدليل مبنيّ على أمرين :
الأول : أنه لو كان الترتب معتبرا في الوجوب الغيري لما كان الطلب للمقدمة يسقط بمجرد الإتيان بها بلا ترتب الواجب عليها ، والتالي باطل لسقوط الطلب الغيري بمجرد الإتيان بالمقدمة.
الثاني : أن الطلب لا يسقط إلّا بثلاثة أمور :
١ ـ الموافقة.
٢ ـ العصيان والمخالفة.
٣ ـ ارتفاع الموضوع مثل : غرق الميت أو حرقه ، والإتيان بالمقدمة ليس من الأمور المذكورة المسقطة للطلب ؛ على القول بوجوب المقدمة الموصلة ، مع إنه مسقط للطلب الغيري ، فالواجب هو : مطلق المقدمة لا خصوص الموصلة. ومن هنا ظهر : خطأ القول بوجوب المقدمة الموصلة.
٥ ـ استدل صاحب الفصول على وجوب المقدمة الموصلة بوجوه :
الأول : أن المتيقن من حكم العقل بوجوب المقدمة هو خصوص الموصلة.
الثاني : أن العقل يجوّز تصريح الآمر الحكيم بعدم مطلوبية غير الموصلة من المقدمة.
الثالث : أن الأمر تابع للغرض الداعي إليه سعة وضيقا ، والعقل يدرك أن الغرض من إيجاب المقدمة ليس إلّا التوصل بها إلى ذيها ، فلا يحكم إلّا بخصوص وجوب المقدمة الموصلة.
وحاصل الجواب عن الوجه الأول : أن العقل الحاكم بالملازمة حاكم بها بين وجوب مطلق المقدمة ووجوب ذيها ؛ لما عرفت غير مرة : من أن الملاك في الوجوب الغيري هو : تمكن المكلف من الإتيان بالواجب ، وهو ثابت لمطلق المقدمة.
وحينئذ لا يبقى تردد للعقل حتى يحكم ـ من باب القدر المتيقن ـ بوجوب خصوص الموصلة. ومن هنا يظهر بطلان الوجهين الأخيرين ؛ إذ مع ثبوت الملاك في مطلق المقدمة