ومنه (١) قد انقدح : أنه ليس منها مثل برء النذر بإتيان مقدمة واجب عند نذر الواجب ، وحصول الفسق بترك واجب واحد بمقدماته إذا كانت له مقدمات كثيرة ؛ لصدق الإصرار على الحرام بذلك ، وعدم جواز أخذ الأجرة على المقدمة.
______________________________________________________
(١) أي : ومما ذكرناه في ضابط كون المسألة أصولية ـ من أن نتيجتها ما يقع في طريق الاستنباط ـ ظهر : إنه ليس من الثمرة لمثل هذه المسألة الأصولية : الفروع الثلاثة التي ذكروها ثمرة لها. وقد ذكرنا الفروع الثلاثة وهي حصول البرء من النذر ، وحصول الفسق بترك واجب له مقدمات ، وعدم جواز أخذ الأجرة على المقدمة.
وقد أورد المصنف على الجميع إشكالا عاما ، ثم أورد على كل منها بالخصوص إشكالا خاصا. وأما الإشكال العام المشترك بين هذه الثمرات الثلاث المذكورة فقد أشار إليه بقوله : «ومنه قد انقدح ...» إلخ. يعني : إن شيئا من هذه الأمور الثلاثة ليس ثمرة للمسألة الأصولية ، وحاصل هذا الإشكال : أن ثمرة المسألة الأصولية ليست إلّا إن تكون نتيجة المسألة واقعة في طريق استنباط حكم شرعي كلي ، وهذه الأمور الثلاثة لا تقع في طريق استنباط الحكم الفرعي.
أما حصول البرء بفعل المقدمة ـ على القول بوجوبها ـ لمن نذر الإتيان بواجب : فلأن البرء إنما يكون لانطباق المنذور على المأتي به ، حيث إن المنذور ـ وهو الواجب ـ ينطبق على المقدمة بعد إثبات وجوبها بدليل عقلي أو نقلي ، ومن المعلوم : أن انطباق الحكم المستنبط على موارده ليس مسألة أصولية ؛ بل قاعدة فقهية. وإنما المسألة الأصولية هي التي تقع في طريق استنباط الحكم الكلي ؛ كالقواعد التي يستنبط منها وجوب الوفاء بالنذر.
وأما حصول الفسق : فكذلك يكون من باب تطبيق الحكم المستنبط على مورده ؛ لأنه ـ بناء على وجوب المقدمة ـ لا بد من الحكم بفسق تاركها ؛ لأن ترك الواجب بمقدماته الكثيرة يوجب صدق الإصرار على المعصية الموجب للفسق ، فليس الحكم بفسق تارك المقدمة مسألة اصولية واقعة في طريق الاستنباط.
وأما حرمة أخذ الآخرة على المقدمة ـ بناء على وجوبها ، بعد تسليم حرمة أخذ الأجرة على الواجبات ـ فليست أيضا مسألة أصولية يستنبط منها حكم فرعي ؛ بل هي مسألة فقهية ؛ لتعلقها بالعمل.
وكيف كان ؛ فشيء من الفروع الثلاثة ليس مسألة أصولية ؛ بل كلها فقهية ، لأنها من تطبيق الحكم المستنبط على موارده.
هذا تمام الكلام في الإشكال العام المشترك بين الفروع الثلاثة ثمرة لهذه المسألة.