صورة الانحصار به ، وفيها إما لا وجوب للمقدمة ، لعدم وجوب ذي المقدمة ، لأجل المزاحمة ، وإما لا حرمة لها لذلك ، كما يخفى.
______________________________________________________
«لا يكاد يلزم الاجتماع أصلا». وحاصل هذا الوجه : إنه لا يلزم اجتماع الوجوب والحرمة في المقدمة المحرمة حتى على القول بوجوب المقدمة.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن مقدمة الواجب تارة : تكون منحصرة في الفرد المحرم كانحصار المركوب لقطع طريق الحج في الدابة المغصوبة مثلا ، فلا محالة تقع المزاحمة حينئذ بين وجوب ذي المقدمة كالحج في المثال ، وبين حرمة مقدمته كالركوب.
وأخرى : لا تكون منحصرة في الفرد المحرم ، كما إذا كان في المثال دابتان محرمة ومباحة.
فإذا عرفت هذه المقدمة فنقول : على فرض الانحصار ، وفرض أهمية وجوب الحج من حرمة مقدمته لا تتصف المقدمة إلّا بالوجوب ، فلا حرمة لها حتى تتصف بالوجوب والحرمة معا ، وعلى تقدير أهمية حرمة المقدمة من وجوب الحج لا تتصف المقدمة إلّا بالحرمة.
فعلى التقديرين : لا يجتمع الوجوب والحرمة في المقدمة حتى تندرج في مسألة اجتماع الأمر والنهي. وعلى فرض عدم الانحصار : فلا تتصف المقدمة المحرمة بالوجوب ؛ لأن حرمتها تمنع عن سراية الوجوب الغيري إليها ، حيث إن المانع الشرعي كالعقلي. وإنما يسري الوجوب الغيري إلى الدابة المباحة ، فتكون هي المقدمة الواجبة دون المحرمة.
فالحاصل : أن المقدمة في كلتا الصورتين لا تتصف بالوجوب والحرمة معا ؛ حتى تعد من صغريات مسألة الاجتماع.
قوله : «لاختصاص ...» إلخ تعليل لقوله : «لا يكاد يلزم الاجتماع».
قوله : «وفيها» أي : في صورة الانحصار «إما لا وجوب للمقدمة» لأهمية حرمتها من وجوب ذيها ، فتكون المقدمة محرمة لا غير. وإما لا حرمة للمقدمة ، لأهمية وجوب ذيها الموجبة لارتفاع الحرمة عنها ، فالمقدمة حينئذ واجبة فقط. فعلى التقديرين : لا يجتمع الوجوب والحرمة في المقدمة ، حتى تندرج في مسألة اجتماع الأمر والنهي. فمرجع الوجهين : إلى منع الصغرى ؛ بمعنى : إن المقدمة لا تندرج في مسألة الاجتماع.
قوله : «وإما لا حرمة لها لذلك» أي : لأجل المزاحمة ، فإن حرمة المقدمة ترتفع لأهمية وجوب ذيها منها.