وفيه (١) ـ مضافا إلى ما عرفت : من رجوع الشرط الشرعي إلى العقلي ـ أنه لا يكاد يتعلق الأمر الغيري إلّا بما هو مقدمة الواجب ، فلو كانت مقدميته متوقفة على تعلقه بها لدار.
______________________________________________________
شرطيته بالوجوب الغيري الشرعي المتعلق به ، فمقوّم شرطيته هو الوجوب الشرعي ، فلا بدّ من الالتزام بوجوبه.
وبعبارة أخرى : أن الشرط على أقسام :
الأول : الشرط الشرعي : كالطهارات الثلاث ، والستر للصلاة.
الثاني : الشرط العقلي : كالسير الجويّ أو البريّ للحج.
الثالث : الشرط العادي : كنصب السلم للكون على السطح.
إذا عرفت هذه الأقسام فنقول : إن الواجب بالوجوب الشرعي الغيري هو القسم الأول فقط ؛ لأن منشأ شرطية الأول هو الوجوب الغيري الشرعي ، فهو يحتاج إلى الوجوب الغيري الشرعي ؛ بخلاف الثاني والثالث حيث لا يحتاجان إلى الوجوب الغيري الشرعي ؛ لأن منشأ شرطيتهما ليس الوجوب الغيري الشرعي ؛ بل هو العقل أو العادة ، فلهذا هما ليسا واجبين بالوجوب المقدمي الترشحي.
وكيف كان ؛ فإن دليل شرطية الشرط الشرعي هو وجوبه. ومن البديهي : انتفاء المدلول عند انتفاء الدليل ، فلذا صح أن يقال : إنه لو لا وجوبه لم يكن شرطا ، وعبر صاحب القوانين عن هذا الدليل : «بأنه لو لم يكن واجبا لم يكن شرطا» ، فشرطية الشرط الشرعي متقومة بالوجوب الثابت له بالفرض ، فلذا وجب الشرط الشرعي دون غيره.
(١) أجاب المصنف «قدسسره» عن هذا الاستدلال بوجهين :
الوجه الأول : ما أشار بقوله : «مضافا إلى ما عرفت من رجوع الشرط الشرعي إلى العقلي» أي : قد ذكره المصنف «قدسسره» في تقسيم المقدمة إلى العقلية والشرعية بقوله : «ولكنه لا يخفى رجوع الشرعية إلى العقلية ...» إلخ ، وذلك فإن للشرط سواء كان شرعيا أو عقليا معنى واحدا وهو : انتفاء المشروط عند انتفاء شرطه ، وإن لم يلزم من وجود الشرط وجود المشروط.
غاية الأمر : أن شرطية بعض الأشياء لمّا كانت مما لا يدركه العقل ؛ كشرائط الصلاة من الطهارة والستر والاستقبال ونحوها نبّه الشارع على شرطيتها ، وبيّن شرطيتها ، وبعد بيان الشرطية يرجع الشرط الشرعي إلى الشرط العقلي ، الذي يوجب انتفاؤه انتفاء المشروط ، فحينئذ لا معنى للتفصيل بين الشرط الشرعي وغيره ؛ لأن كل شرط يرجع إلى الشرط العقلي ، والفرق بين الشرعي والعقلي إنما هو بالمدرك ، فإذا كان المدرك للشرطية