فيه أقوال ، وتحقيق الحال يستدعي رسم أمور :
الأول : الاقتضاء (١) في العنوان أعم من أن يكون بنحو العينية ، أو الجزئية ، أو اللزوم ؛ من جهة التلازم (٢) بين طلب أحد الضدين وطلب ترك الآخر ، أو المقدمية
______________________________________________________
كما يقال في تحديد المسألة الثانية : إن الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده الخاص أم لا؟ فإذا قال المولى : «أزل النجاسة عن المسجد» فهل هو نهي عن كل فعل وجودي يعاندها كالصلاة في المسجد؟ فكأنه قال : أزل النجاسة ولا تصل في المسجد عند الابتلاء بالإزالة ، ومحل الكلام هو الضد بكلا المعنيين.
واختلف الأصوليون في : أن الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده أم لا؟ على أقوال. ويقول المصنف : وتحقيق الحال يستدعي رسم أمور.
(١) المراد من الاقتضاء في عنوان المسألة ليس ما هو ظاهره ؛ بل الأعم منه ومن الاقتضاء بنحو العينية أو الجزئية ، وذلك لوجوه :
الأول : أن إطلاق لفظ الاقتضاء شامل لجميع الأقسام المذكورة.
الثاني : أن الغرض من هذا البحث هو : بيان حال الضد العبادي صحة وفسادا ، من غير فرق في ذلك بين أقسام الاقتضاء ، ومن البديهي : أن عمومية الغرض تقتضي عمومية النزاع في الاقتضاء.
الثالث : أن وجود الأقوال في المسألة يقتضي عموم الاقتضاء ليعم جميع الأقوال ؛ فإن منها : قول : بأن الأمر بشيء عين النهي عن ضده. ومنها : قول بأن النهي عن الضد جزء من الأمر بشيء ، فيكون الاقتضاء على وجه التضمن ، كما يظهر من المعالم.
ومنها : قول بأن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده ، كما هو ظاهر لفظ الاقتضاء ، فالتعميم لأجل أن لا يتوهم اختصاص النزاع بالقول الأخير.
(٢) هذا إشارة إلى وجه اللزوم : وحاصله ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٤٢٤» ـ «أن اللزوم تارة : يكون لأجل التلازم ؛ بأن يقال : إن الأمر بأحد الضدين كالصلاة ـ ملازم للنهي عن ضده ، كالإزالة ـ بناء على إرادة الترك من الضد ـ فطلب أحد الضدين يلازم طلب ترك الآخر ، فالاقتضاء حينئذ يكون لأجل اللزوم الناشئ عن التلازم. وأخرى : يكون لأجل المقدمية ، بتقريب : أن ترك أحد الضدين مقدمة لوجود الضد الآخر ؛ كتوقف وجود الصلاة على عدم الإزالة ، فيكون اقتضاء الأمر بالصلاة للنهي عن ضدها ـ كالإزالة ـ بنحو اللزوم المقدمي ؛ لأن عدم الإزالة لمّا كان مقدمة للصلاة ؛ فالأمر بالصلاة يستلزم عدم الإزالة مقدمة لوجود نفسها ، فيصير في الحقيقة