.................................................................................................
______________________________________________________
يكون الضد الموجود صالحا لأن يكون مانعا عن الضد المعدوم ، فوجود أحد الضدين ـ وإن كان متوقفا على عدم الآخر ـ إلّا إن عدم الآخر لا يكون متوقفا على وجوده ؛ وذلك لعدم المقتضي ، والتوقف على الوجود مشروط بوجود المقتضي كما عرفت وحينئذ فلا يلزم المحذور وهو : كون شيء واحد متقدما ومتأخرا.
وقد أجاب المصنف عن هذا الإيراد بقوله : «مساوق لمنع مانعية الضد».
وحاصل الجواب : أن منع صلاحية كون وجود الضد مانعا عن الضد الآخر موجب لإنكار مانعية الضد أصلا ؛ لاستلزامه نفي التوقف حتى من طرف الوجود ، وهو خلاف البداهة ؛ لأن توقف وجود الضد على عدم الآخر من البديهيات.
٥ ـ «إن قلت : التمانع بين الضدين كالنار على المنار» الغرض من هذا الكلام : إثبات مقدمية عدم أحد الضدين للآخر ، فيكون عدمه واجبا إذا كان الضد الآخر واجبا ، وفعله حراما ومنهيا عنه.
ملخص الكلام : لنا مقدمتان واضحتان وهما : التمانع بين الضدين ، وكون عدم المانع من مقدمات المأمور به ؛ وهاتان المقدمتان تنتجان وجوب ترك ضد المأمور به ، فيكون فعله منهيا عنه ، وهو المطلوب في المقام.
وقد أجاب المصنف عنه بما حاصله : أن المراد بالتمانع بين الضدين هو : التعاند ؛ بحيث يمتنع اجتماعهما في الوجود ، ومن التمانع بهذا المعنى لا يلزم أن يكون عدم أحدهما مقدمة للآخر ، وليس التمانع بما هو المصطلح عندهم وهو : كون أحدهما مانعا عن الآخر ؛ بأن يكون عدمه دخيلا في وجود الآخر ومتقدما عليه حتى تكون مقدمة له.
نعم ؛ قد يتفق أن يكون عدم أحد الضدين مستندا إلى وجود الآخر ، فيكون وجوده مانعا كما إذا كان المقتضي لكل منهما موجودا ، وكان المقتضي لأحدهما أقوى من المقتضي في الآخر ، فيوجد أحدهما دون الآخر ، فلا محالة يكون عدم الآخر مستندا إلى المانع وهو علّة الآخر ؛ لا إلى عدم المقتضي لوجوده بالفرض.
٦ ـ وقد ظهر مما ذكرناه ـ من عدم كون ترك أحد الضدين من مقدمات الآخر ـ : حال التفصيل بين الضد الموجود ـ فيكون عدمه مقدمة لوجود الآخر ـ وبين الضد المعدوم فلا يكون عدمه مقدمة للآخر ؛ بدليل : أن عدم الضد صار مقدمة لوجود الآخر ؛ من حيث كون عدم المانع من المقدمات ، وغير الموجود ليس مانعا ، كي يكون عدمه من مقدمات الآخر.