الترك ، ومتعلقهما (١) هو نفس الطبيعة المحدودة بحدود (٢) ، والمقيدة بقيود ، تكون بها موافقة للغرض والمقصود ، من دون تعلق غرض بإحدى الخصوصيات اللازمة للوجودات ، بحيث لو كان الانفكاك عنها (٣) بأسرها ممكنا ؛ لما كان ذلك مما يضر بالمقصود أصلا ، كما هو الحال في القضية الطبيعية في غير الأحكام (٤) ، بل في المحصورة (٥). على ما حقق في
______________________________________________________
واللوازم خارجة عن دائرة متعلقاتها ، وإنما هي موجودة معها قهرا ، لاستحالة كون الشيء موجودا بلا تشخص ـ نظرا إلى قاعدة ـ (الشيء ما لم يتشخص لم يوجد) ، أو تتعلق بالأفراد مع تلك المشخصات ؛ بحيث تكون المشخصات مقومة للمطلوب داخلة في دائرة المتعلقات؟. فالكلام حقيقة في دخل تلك الخصوصيات وعدمه في متعلق الطلب ، فعلى القول بدخلها فيه : يكون متعلقه الأفراد ، وعلى القول بعدمه : يكون المتعلق الطبائع.
(١) أي : الإيجاد والترك ، والأول : في الأمر ، والثاني : في النهي.
(٢) أي : بحدود ذاتية ؛ كالحيوان الناطق مثلا بالنسبة إلى الإنسان ، «والمقيدة بقيود» خارجية ؛ كالضاحكية بالنسبة إلى الإنسان ، تكون الطبيعة بها أي : بسبب هذه المقوّمات والخواص «موافقة للغرض والمقصود» مثلا ، فلو لم يكن الإنسان ناطقا أو ضاحكا لم يكن موافقا للغرض فرضا ، «من دون تعلق غرض بإحدى الخصوصيات اللازمة للوجودات» كالطول في زيد ، والقصر في عمرو مثلا.
فقول المولى : «صلّ الظهر» لا يريد إلّا حقيقة الصلاة المحدودة بكذا ، والمقيدة بقيد الظهرية ، ولا يريد الخصوصيات الفردية ، ككونها في البيت ، أو في المسجد ، أو في هذا اللباس ، أو ذلك اللباس ، أو نحو ذلك.
(٣) أي : عن الخصوصيات اللازمة المقوّمة لفردية الفرد.
(٤) يعني : مثل : «الإنسان نوع ، والحيوان جنس» فإن المراد : أن نفس طبيعة الإنسان نوع ، ونفس طبيعة الحيوان جنس من دون دخل خصوصيات الأفراد في النوعية والجنسية. فوجه المشابهة بين القضية الطبيعية ، وبين المقام هو : عدم النظر إلى الأفراد ، مع افتراقهما : في أن الموضوع في الطبيعية هو الطبيعة الكلية من حيث كونها كلية ، بخلاف المقام فإن متعلق الطلب فيه هو الطبيعة بما هي لا بما هي كلية. ولذا قال : في غير الأحكام.
(٥) وهي التي تشتمل على السور ؛ مثل : «كل» مثلا في قوله تعالى : (كل من عليها فان)(١) و «كلما» في قوله «عليهالسلام» : «كلما مضى من صلواتك وطهورك فامضه
__________________
(١) الرحمن : ٢٦.