في كل منهما من الغرض ، وعدم جواز الإيجاب كذلك مع عدم إمكانه) فتدبر.
بقي الكلام في أنه هل يمكن التخيير عقلا أو شرعا بين الأقل والأكثر أو لا؟
ربما يقال : «بأنه محال ؛ فإن الأقل إذا وجد كان هو الواجب لا محالة ، ولو كان في ضمن الأكثر لحصول الغرض به ، وكان الزائد عليه من أجزاء الأكثر زائدا على
______________________________________________________
بغرض يصلح لتشريع إيجابه يكون ترجيحا بلا مرجح ، كما أشار إليه بقوله : «مع كون كل منهما مثل الآخر في أنه واف بالغرض».
بقي الكلام بكون كل واحد منهما واجبا تعيينا مع السقوط بفعل أحدهما ، وهو الذي أشار إليه بقوله : «ولا كل واحد منهما تعيينا مع السقوط بفعل أحدهما» يعني : ولا وجه لهذا القول أيضا كالقولين السابقين ؛ وذلك فلأنه مع إمكان استيفاء غرض كل واحد من الشيئين أو الأشياء لا وجه للسقوط بفعل واحد منهما ، إذ المفروض : عدم التضاد بين الغرضين وكون كل منهما لازم الاستيفاء ، وإلّا لم يكن داع إلى إيجاب ما يقوم به.
ومع عدم إمكان استيفائه لا وجه لإيجاب كل من الشيئين تعيينا ، لعدم القدرة عليه الموجب لقبح الإيجاب.
والحاصل : أنه مع إمكان الاستيفاء لا وجه للسقوط ، ومع عدمه لا وجه لإيجاب كلّ واحد منهما تعيينا ، كما هو واضح.
وقوله : «ولا كل واحد منهما تعيينا» معطوف أيضا على قوله : «أحدهما لا بعينه» يعني لا وجه للقول بكون الواجب كل واحد منهما معينا مع السقوط بفعل أحدهما.
قوله : «بداهة عدم السقوط ...» إلخ بيان لعدم الوجه لوجوب كلّ منهما معينا. كما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٥٥٣».
بقي الكلام في بطلان القول الرابع ؛ وهو «وجوب المعين عند الله» ، وبطلانه أوضح من الشمس ، فلا يحتاج إلى إقامة برهان.
فالحق عند المصنف هو : وجوب الجامع ، وقد عرفت وجه ذلك في المقام الأول ، فلا حاجة إلى التكرار والإعادة. نعم ؛ في المقام بحث طويل وهو النقض والإبرام حتى على ما اختاره المصنف ، وقد أضربنا عن ذلك رعاية للاختصار.
قوله : «فتدبر» لعله إشارة : إلى أن مرجع هذا القول إلى الوجوبين التعيينيين المشروط كل منهما بترك الآخر ، فكلاهما واجبان تعيينيان مشروط وجوب كل منهما بترك الآخر.