كان بمثل مرة أخرى ، كي يكون متعلق كل منهما غير متعلق الآخر ، كما لا يخفى.
والمنساق (١) من إطلاق الهيئة وإن كان هو تأسيس الطلب لا تأكيده ، إلّا إن الظاهر : هو انسباق التأكيد عنها فيما كانت مسبوقة بمثلها ، ولم يذكر هناك سبب ، أو ذكر سبب واحد.
______________________________________________________
ومتعلق الثاني : هو الوجود الثاني. ومن المعلوم : تغاير المتعلقين حينئذ.
(١) دفع لتوهم التنافي بين إطلاق المادة الظاهر في التأكيد ، وإطلاق الهيئة الظاهر في التأسيس ؛ بتقريب : أن إطلاق الهيئة ظاهر في التأسيس ؛ لكشفه عن إرادة أخرى غير الإرادة المنكشفة بالأمر الأول ، ومقتضى التأسيس : امتثال آخر غير امتثال الأول ، فيكون إطلاق الهيئة منافيا لإطلاق المادة الظاهر في التأكيد.
وحاصل الدفع : أن هناك قرينة نوعية على التأكيد ؛ بحيث توجب رفع اليد عن ظهور إطلاق الهيئة في التأسيس.
توضيح ذلك : أنه إذا كان الأمر مسبوقا بمثله ولم يذكر سبب أصلا ؛ كما إذا ورد : «أعتق رقبة» ، ثم ورد أيضا : «أعتق رقبة» ، أو ذكر سبب واحد لهما معا ؛ كقوله : «إن أفطرت فأعتق رقبة ، وإن أفطرت فأعتق رقبة» ، ففي هاتين الصورتين يكون الأمر الثاني مؤكدا للأول ، إذ لو حمل على التأسيس لزم التصرف في اللفظ بتقييد المادة في الثاني بما يوجب تكثّرها لتغاير المادة في الأمر الأول ؛ لئلا يلزم اجتماع المثلين.
هذا بخلاف ما إذا حمل على التأكيد ؛ إذ لا حاجة حينئذ إلى تصرف في اللفظ أصلا.
وأما لو ذكر سبب لأحدهما دون الآخر حمل على التأسيس ، ووجب التكرار ، كأن يقول : «أعتق رقبة» ثم يقول : «إذا أفطرت فأعتق رقبة» ، وكذا الحال إذا ذكر سببان كأن يقال : «إن ظاهرت فأعتق رقبة ، وإن أفطرت فأعتق رقبة» ، فيجب التكرار ؛ لأنه مقتضى تعدد السبب.
فالمتحصل : أن هنا صورا ـ كما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٥٨٢» ـ :
الأولى : أن لا يذكر سبب أصلا. وحكمها التأكيد.
الثانية : أن يذكر سبب واحد لهما معا ، وحكمها التأكيد أيضا.
الثالثة : أن يذكر سبب لأحدهما دون الآخر ، وحكمها التأسيس ، ووجوب التكرار.
الرابعة : أن يذكر سببان لهما كالظهار والإفطار لوجوب العتق ، وحكمها التأسيس ووجوب التكرار أيضا. هذا تمام الكلام في بحث الأوامر.