بالإضافة إليه وجه وعنوان ؛ به يكون حسنا ، أو متعلقا للغرض ، بحيث لولاها لما كان كذلك ، واختلاف الحسن والقبح والغرض باختلاف الوجوه والاعتبارات الناشئة من الإضافات ؛ مما لا شبهة فيه ولا شك يعتريه ، والإضافة كما تكون إلى المقارن ؛ تكون إلى المتأخر ، أو المتقدم بلا تفاوت أصلا كما لا يخفى على المتأمل ، فكما تكون إضافة شيء إلى مقارن له موجبا لكونه معنونا بعنوان ، يكون بذلك العنوان حسنا ومتعلقا للغرض ، كذلك إضافته إلى متأخر أو متقدم ، بداهة : أن الإضافة إلى أحدهما ربما توجب ذلك أيضا ، فلولا حدوث المتأخر في محله ، لما كانت للمتقدم تلك الإضافة الموجبة لحسنه الموجب لطلبه والأمر به ، كما هو الحال في المقارن أيضا ، ولذلك أطلق
______________________________________________________
الثالث : أن يكون حسن الشيء وقبحه بالوجوه والاعتبارات ؛ بأن لا يكون الشيء علة للحسن والقبح ولا مقتضيا لهما ؛ بل كان الاتصاف بهما بالوجوه والاعتبارات ؛ بأن يكون حسنا بوجه واعتبار ، وقبيحا باعتبار آخر ؛ كضرب اليتيم مثلا ؛ فإنه حسن إذا كان للتأديب ، وقبيح إذا كان للتشفّي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن حسن المأمور به في محل الكلام من القسم الثالث ؛ فإن شرط المأمور به يكون دخيلا في حصول الإضافة من الإضافات المحصلة لعنوان يكون المأمور به لأجله حسنا ، ومتعلقا للأمر ؛ سواء كانت تلك الإضافة إضافة التقارن ؛ كإضافة الصلاة إلى الاستقبال ، أو التقدم ؛ كإضافتها إلى الوضوء قبلها ، أو التأخر ؛ كإضافة صوم المستحاضة إلى الغسل الواقع في الليلة المستقبلة ، فإطلاق الشرط على المتقدم أو المتأخر إنما هو لأجل كون كل واحد منهما طرفا للإضافة ، والشرط حقيقة هو نفس الإضافة التي تكون مقارنة للمشروط دائما ، فلا تقدم ولا تأخر في الشرط ، حتى يلزم انخرام القاعدة العقلية.
فالمتحصل من الجميع : أن معنى كون شيء شرطا للمأمور به ليس إلّا كونه دخيلا في صيرورة المأمور به معنونا بعنوان به يكون حسنا ومتعلقا للإرادة ، وكما يمكن أن يصير الشيء بسبب إضافته إلى أمر مقارن معنونا بعنوان به يكون حسنا ومتعلقا للإرادة ، فكذلك يمكن أن يصير بسبب إضافته إلى أمر متقدم أو متأخر معنونا فعلا بعنوان حسن ؛ موجب لإرادته والأمر به ، لأن اختلاف العناوين باختلاف الإضافات ؛ كاختلاف الحسن والقبح باختلاف العناوين مما لا شك فيه مثل الكذب الذي بنفسه قبيح ، ولكنه إذا أضيف إلى خلاص المؤمن من الظالم فهو حسن ، ولم يأت هذا الحسن إلّا من إضافته لخلاص المؤمن.