.................................................................................................
______________________________________________________
توضيح مراد المصنف : أن القائلين بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد اختلفوا على قولين ؛ قول : بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد الواقعيتين ، فذو المصلحة واجب وإن لم يعلم بها المكلف ، وذو المفسدة حرام كذلك وذو الجهتين محكوم بأقواهما ، فالصلاة في الغصب. على هذا القول. حرام ولو مع الجهل عن قصور بالحرمة لا يحصل بها الامتثال ولكن سقوط الأمر إنّما هو لأجل حصول الغرض من الأمر مع الجهل القصوري ؛ لاشتمالها على المصلحة وصدورها حسنا عند الجهل بالحرمة عن قصور. فالإتيان بالصلاة مع قصد القربة موجب لسقوط الأمر وإن لم يكن امتثالا له ، وهناك قول «بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد الاعتقاديتين ، فلا تحرم الصلاة مع الجهل بالحرمة ؛ بل هي واجبة للاعتقاد بالمصلحة والوجوب فقط ، فيحصل الامتثال بإتيانها ، ولهذا قيّد المصنف عدم حصول الامتثال بكون الأحكام تابعة للملاكات الواقعية ؛ كما هو مقتضى القول الأوّل ، فعلى هذا القول لم يكن امتثالا للأمر لعدم الأمر لأقوائية المفسدة.
٢. يمكن تصوير امتثال الأمر حتى على مبنى القول الأول بتقريب : أنّ العقل لا يرى تفاوتا. في الوفاء بالغرض القائم بالطبيعة المأمور بها. بين الفرد المبتلى بالمزاحم وبين سائر الأفراد إلّا من ناحية وجود المانع عن الوجوب في الفرد المزاحم ؛ لا عدم المقتضي إذ المفروض : وجوده في جميع الأفراد ، فحينئذ يحكم بإمكان امتثال الأمر إذ أتى بالمجمع بداعي امتثال الأمر بالطبيعة.
ومن عدم التفاوت عند العقل بين الفرد المزاحم وسائر الأفراد ظهر أنه يجزى الإتيان بالمجمع ؛ ولو على القول باعتبار قصد امتثال الأمر في صحة العبادة ، غاية الأمر : يقصد امتثال الأمر المتعلق بالطبيعة المأمور بها.
٣. «وبالجملة : مع الجهل قصورا بالحرمة موضوعا ؛ بأن لا يعلم المكلف الغصب ، أو حكما بأنه لا يعلم حرمة الغصب لا يكون الإتيان بالمجمع امتثالا ...» الخ ، يعني : إذا أتى بالمجمع مع قصد القربة يحكم بصحة المجمع إذا كان عبادة على كلا القولين.
غاية الأمر : على القول الأول يكون هناك فرق بين الفرد المزاحم وبين سائر الأفراد.
وحاصل الفرق : أن الطبيعة المأمور بها تشمل سائر الأفراد بما هي مأمور بها ، ولا تشمل الفرد المزاحم إلّا بما هي هي لا بما هي مأمور بها.
وأما على القول الثاني. وهو كون الأحكام تابعة للملاكات المؤثرة فعلا. فيكون