انتزع عنه ؛ بحيث لو لا انتزاعه تصورا واختراعه ذهنا (١) ، لما كان بحذائه شيء خارجا ، ويكون خارج المحمول كالملكية والزوجية والرقية والحرية والمغصوبيّة ، إلى غير ذلك من الاعتبارات والإضافات ، ضرورة (٢) : إن البعث ليس نحوه والزجر لا يكون
______________________________________________________
متأصّلا كالناطق والعالم ، فيكون العنوان من خارج المحمول ، والاسم من المحمول بالضميمة ؛ إلّا إن الفرق الأوّل أنسب بالمقام فتدبر.
إذا عرفت هذه المقدمة تعرف : أن متعلق الحكم هو الفعل الصادر عن المكلف ؛ لأنّه مشتمل على الملاك الذي يتبعه الحكم لا اسمه وعنوانه ؛ لما عرفت من : أنهما من الأمور الاعتبارية التي لا تأصل لها في الخارج ، والملاكات إنما تقوم بالموجودات الخارجية المتأصلة.
(١) قوله : «ذهنا» إشارة إلى أن عروض العنوان لمتعلق الحكم يكون في الذهن ؛ لأن عروض المغصوبية للموجود الخارجي المتعلق للحكم. وهو التصرف في مال الغير بدون رضاه. ليس كعروض السواد والبياض وغيرهما من الأعراض الخارجية لمعروضاتها ، ضرورة : أن ظرف العروض في الأعراض الخارجية هو الخارج ، بخلاف الملكية والزوجية والمغصوبية ونحوها من الأمور الاعتبارية ، فإن ظرف عروضها هو الذهن ؛ إذ لا يحاذيها شيء في الخارج حتى يكون الخارج ظرف عروضها.
والمتحصل : أن متعلق الحكم هو فعل المكلف لا اسمه وعنوانه ، ففي الصلاة مثلا يتعلق البعث بنفس ما يقع في الخارج من الركوع والسجود والقراءة وغيرها من الأفعال والأقوال ، دون عنوانه كالصلاة وكذا الغصب ، فإن النهي يتعلق بنفس التصرف الخارجي في مال الغير بدون رضاه ، وعنوان الغصب مشير إليه ، فالعنوان المنتزع عن المعنون يكون خارج المحمول ، وهو ما ينتزع ويخرج عن ذات المعروض ، ثم يحمل عليه من دون أن يكون له ما يحاذيه في الخارج كالإمكان والوجوب والامتناع ونحوها مما لا وجود لها في الخارج ، ويكون عروضها لمعروضاتها في الذهن ، نظير الكلية والجزئية ونحوهما من المعقولات الثانية.
وعليه : فعنوان الصلاتية ، والغصبية والملكية ونحوها من المحمول بالصميمة وخارج المحمول لعدم تأصلها في الوجود الخارجي.
(٢) تعليل لعدم تعلق التكليف بالاسم والعنوان وقد تقدم تفصيله. وملخصه : أن الحكم تابع للملاك ، فما يقوم به الملاك هو متعلق الحكم لا غيره ، ومن المعلوم : عدم قيام الملاك بالأمر الانتزاعي ، وإنما هو قائم بالموجود الخارجي أعني : الفعل الصادر من المكلف.
فمحصل هذه المقدمة : أن متعلق التكليف هو نفس الفعل لا اسمه وعنوانه حتى