الفارد الذي لا كثرة فيه من جهة ؛ بل بسيط من جميع الجهات ، ليس فيه حيث غير حيث ، وجهة مغايرة لجهة أصلا ، كالواجب «تبارك وتعالى» ، فهو على بساطته ووحدته وأحديته ، تصدق عليه مفاهيم الصفات الجلالية والجمالية (١) له الأسماء الحسنى والأمثال العليا (٢) ، لكنها (٣) بأجمعها حاكية عن ذاك الواحد الفرد الأحد.
عباراتنا شتى وحسنك واحد |
|
وكل إلى ذاك الجمال يشير |
رابعتها (٤) : إنه لا يكاد يكون للموجود بوجود واحد إلّا ماهية واحدة وحقيقة
______________________________________________________
وأحديته» معنى واحد وهو نفي التركيب عن واجب الوجود ؛ وإن كان المتبادر في بادئ النظر من الوحدة هو نفي الشريك عنه تعالى. لكن المناسب للمقام. لما كان نفي التركيب حتى لا يتوهم كون صدق كل عنوان باعتبار جزء من الأجزاء. هو إرادة البساطة من الوحدة.
(١) الفرق بين الصفات الجلالية والجمالية : أن الصفات الجمالية هي الصفات الثبوتية ، مثل كونه تعالى قادرا عالما سميعا بصيرا إلى غير ذلك. والصفات الجلالية هي الصفات السلبية مثل كونه تعالى لا شريك له ، ليس بمتحيز ، ليس بجسم ، إلى غير ذلك.
وجميع تلك الصفات حاكية عن الذات البسيطة غاية البساطة ؛ إذ لا منشأ لانتزاع صفاته «جلّ وعلا» إلّا نفس ذاته المقدسة ، بخلاف صفاتنا ، فإنها منتزعة عن ذواتنا باعتبار تلبسها بمبادئ تلك الصفات كالعلم والعدالة وغيرهما.
(٢) أي : الصفات العليا وقيل : «الأمثال» جمع المثل بالتحريك ، وكل وجود مثل له تعالى ومظهر له في مرتبته ، والعليا منها هي الموجودات الكاملة في مرتبتي العلم والعمل.
(٣) يعني : لكن تلك الصفات بأجمعها مع تعددها حاكية عن الذات البسيطة غاية البساطة ، فملخص هذه المقدمة : أن مجرد تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون وجودا ولا ينثلم به وحدته أصلا ، كما في «منتهى الدراية ، ج ، ٣ ص ٨٨».
المتحد وجودا متحد ماهية
(٤) المقصود من بيان هذه المقدمة الرابعة : دفع توهمين يظهران من عبارة الفصول.
أحدهما : ابتناء القول بالامتناع على أصالة الوجود ؛ لكون عدم استلزام تعدد العنوان لتعدد المعنون مبنيا عليها ، والقول بالجواز على أصالة الماهية ؛ لكون العنوانين ماهيتين متعددتين متصادقتين على واحد.
ثانيهما : ابتناء القول بالجواز على تعدد وجود الجنس والفصل في الخارج ، والقول بالامتناع على عدم تعدده.