كون الفرد مقدمة لوجود الطبيعي المأمور به أو المنهى عنه ، وإنه لا ضير في كون المقدمة محرمة في صورة عدم الانحصار بسوء الاختيار.
وذلك (١) ـ مضافا إلى وضوح فساده ، وأن الفرد هو عين الطبيعي في الخارج ، كيف؟ والمقدمية تقتضي الاثنينية بحسب الوجود ، ولا تعدد كما هو واضح ـ أنه إنما
______________________________________________________
نعم ؛ مع انحصار المقدمة بالحرام يقبح من الشارع الأمر بذيها ؛ بل لا بد حينئذ إما من سقوط الأمر إن كانت مفسدة النهي أقوى ، وإما من سقوط النهي إن كانت مصلحة الأمر أقوى ؛ إلّا إذا كان الانحصار بسوء الاختيار ، فإن ذا المقدمة حينئذ فاسد مع عدم سقوط الأمر به ، كما في «منتهى الدراية ، ج ، ٣ ص ٩٩».
(١) أي : وجه ظهور فساد هذا الدليل.
وأجاب المصنف عن هذا الدليل بوجهين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله : «مضافا.» إلخ.
والثاني : ما أشار إليه بقوله : «أنه إنما يجدي.» إلخ.
وحاصل الوجه الأول : هو منع مقدمية الفرد لوجود الكلي. وهو الأمر الثاني. وإن الفرد عين الكلي لا إنه أمر مغاير له ، فليس بينهما تغاير وتعدد ، ولهذا يحمل الكلي على الفرد فيقال : «زيد إنسان» ، ولو كان مقدمة لم يصح الحمل ، ولهذا لا يقال : الوضوء صلاة ، ولهذا قال المصنف : «كيف والمقدمية تقتضي الاثنينية» يعني : كيف يكون الفرد مقدمة والحال أن المقدميّة تقتضي الاثنينية بحسب الوجود وبحسب الماهيّة.
وكيف كان ؛ فالمقدمية تقتضي تعدد المقدمة وذيها وجودا ، ضرورة : تعدد العلة والمعلول وجودا ، ومن المعلوم : انتفاء هذا التعدد بين الكلي وفرده ، فحديث المقدمية أجنبيّ عن الفرد.
وحاصل الوجه الثاني. وهو ما أشار إليه بقوله : «إنما يجدي.» إلخ. أنه لو سلم مقدمية الفرد لوجود الكلي ، فهي إنما تجدي في جواز اجتماع الأمر والنهي إذا كان الفرد مقدمة للطبيعتين المأمور بها والمنهي عنها حتى يتعلق به الأمر والنهي معا بلحاظ فرديته لهما ؛ لكن الأمر ليس كذلك ، لأن المجمع في مسألة اجتماع الأمر والنهي ليس فردا لماهيتين حتى يتعدّد ماهية ، ويصح تعلق الأمر والنهي به ، بل هو فرد لماهية واحدة ، كما تقدم في المقدمة الرابعة ، فيمتنع تعلقهما به ؛ لاستلزامه اجتماع الضدين ، وهما الأمر والنهي.
وكيف كان ؛ فبعد وضوح كون المجمع واحدا يمتنع اجتماع الأمر والنهي فيه وإن سلمنا مقدمية الفرد للكلي ؛ لاستلزامه اجتماع الضدين لكون الفرد وهو المجمع واحدا