تعدد المعنون ، لا وجودا ولا ماهية ، ولا تنثلم به وحدته أصلا ، وأن المتعلق للأحكام هو المعنونات لا العنوانات ، وأنها (١) إنما تؤخذ في المتعلقات بما هي حاكيات كالعبارات لا بما هي على حيالها واستقلالها. كما ظهر مما حققناه (٢) : أنه لا يكاد يجدي أيضا
______________________________________________________
وضوح : عدم تعلق الأوامر والنواهي بالطبائع بما هي هي ، بل بوجودها ، ووضوح : قيام الملاكات الداعية إلى تشريع الأحكام بالمعنونات ، ووضوح : عدم تعدد المعنون بالعناوين لا وجودا ولا ماهية. يمتنع تعلق حكمين متضادين على موجود واحد وجودا وماهية ، فالحركة التي ينطبق عليها عنوانا الصلاة والغصب واحدة ، فيمتنع أن تكون محكومة بحكمين متضادين.
(١) أي : العنوانات «إنما تؤخذ في المتعلقات بما هي حاكيات كالعبارات» ، والألفاظ «لا بما هي على حيالها واستقلالها» ، كما يدعيه القائل بالجواز. وبهذا كله تبين أن القول بتعلق الأحكام بالطبائع لا يدفع غائلة اجتماع الضدّين.
(٢) في بطلان الوجه الأول «أنه لا يكاد يجدي أيضا» أي : كعدم إجداء الوجه المتقدم في إثبات جواز اجتماع الأمر والنهي. وهذا إشارة إلى دليل آخر من أدلة المجوزين ، وهو ما ذكره المحقق القمي «قده» ، وهذا الدليل مركب من أمور.
ثم إن المصنف قد أخذ الجزء الأول من هذا الدليل. وهو تعلق الأحكام بالطبائع. وجعله دليلا مستقلا بتقريب قد عرفته مع الجواب :
الأول : كون الأحكام متعلقة بالطبائع.
الثاني : كون الفرد مقدمة لوجود الكلي ، لا عينه.
الثالث : جواز اجتماع الأمر الغيري والنهي.
الرابع : عدم قدح المقدمة المحرمة في امتثال الأمر النفسي المتعلق بذي المقدمة.
وقد أشار المصنف إلى الأمر الأول والثاني بقوله : «كون الفرد مقدمة لوجود الطبيعي المأمور به أو المنهي عنه» ، وإلى الأمر الثالث والرابع بقوله : «إنه لا ضير في كون المقدمة محرمة في صورة عدم الانحصار.» إلخ.
إذا عرفت هذه الأمور تعرف تقريب هذا الدليل ، حيث إن المجمع. أعني : الصلاة في الدار المغصوبة. ليس بنفسه مأمورا به بالأمر النفسي ، بل متعلق الأمر النفسي هو طبيعة الصلاة ، لا هذا الفرد ، فهذا الفرد مقدمة محرمة للواجب النفسي أعني : الطبيعة ، ولا تقدح حرمة المقدمة مع عدم انحصارها بالحرام في صحة الواجب إذا لم يكن انحصارها به من ناحية العبد ، نظير قطع طريق الحج بالمركوب المغصوب ، حيث إن الحج صحيح حينئذ بلا إشكال.