وأما القسم الثالث (١) : فيمكن أن يكون النهي فيه عن العبادة المتحدة مع ذاك العنوان ، أو الملازمة له بالعرض والمجاز ، وكان المنهي عنه به حقيقة ذاك العنوان.
ويمكن أن يكون على الحقيقة إرشادا إلى غيرها (٢) من سائر الأفراد مما لا يكون متحدا معه ، أو ملازما له إذ (٣) المفروض : التمكن من استيفاء مزية العبادة بلا ابتلاء بحزازة ذاك العنوان أصلا.
______________________________________________________
أشار إليه بقوله : فالنهي فيه يمكن أن يكون لأجل ما ذكر في القسم الأول طابق النعل بالنعل ، وإما لنقص الثواب بالتشخص بما لا يلائم العبادة ، فحينئذ : يكون النهي إرشاديا لا غير ، كما أشار إليه بقوله : «كما يمكن أن يكون بسبب حصول منقصة في الطبيعة المأمور بها ...» إلخ ، إلى أن قال : «ولا يخفى أن النهي في هذا القسم لا يصلح إلّا للإرشاد» ، وقد تقدم وجه ذلك ، فلا حاجة إلى التكرار. هذا تمام الكلام في القسم الثاني.
(١) وهو ما تعلق به النهي لا بذات العبادة ؛ بل بما هو مجامع معها وجودا أو ملازم لها خارجا كالصلاة في مواضع التهمة. وحاصل الكلام : أن المصنف لما فرغ من توجيه القسمين الأولين شرع في توجيه القسم الثالث.
وملخص ما أفاده في الجواب عن القسم الثالث : أنه يمكن أن يكون النهي فيه مولويا ، ويمكن أن يكون إرشاديا. وعلى الأول لا يسند النهي إلى العبادة حقيقة ؛ بل بالعرض والمجاز ؛ لأن المنهي عنه هو ذاك العنوان المتحد مع العبادة. كالكون في مواضع التهمة. أو الملازم لها فيما إذا كانت الصلاة هي الأقوال والأفعال ، فإسناد النهي إلى الصلاة إذا كان مولويا. بأن يقال : إن الصلاة منهي عنها. إنما هو بالعرض والمجاز ؛ لأن المنهي عنه حقيقة هو الكون في مواضع التهمة ، ففي الحقيقة لا تكون الصلاة فيها منهيا عنها ، فلا يجتمع فيها الكراهة والوجوب ، ولا الأمر والنهي حتى يقال بجواز الاجتماع ، فلا دخل لها بمسألة الاجتماع أصلا.
(٢) يعني : إلى غير العبادة المنهي عنها من سائر الأفراد التي لا تكون متحدة مع العنوان ولا ملازمة له. وحاصل الكلام في المقام : أن النهي عن العبادة في القسم الثالث يمكن أن يكون عرضيا مولويا ، ويمكن أن يكون حقيقيا إرشاديا ؛ بأن يكون النهي عن الصلاة في مواضع التهمة للإرشاد إلى الصلاة في غيرها كالصلاة في الدار والمسجد.
(٣) تعليل لكون النهي إرشادا إلى سائر الأفراد ، بمعنى : أنه لما كان الإتيان بالأفراد السليمة عن الحزازة الواجدة للمزية ممكنا ؛ أمكن أن يكون النهي إرشادا إلى تلك الأفراد.