لما عرفت من : أن المراد من كونه أقل ثوابا : إنما هو بقياسه إلى نفس الطبيعة المتشخصة بما لا يحدث معه مزية لها ولا منقصة من المشخصات ، وكذا كونه أكثر ثوابا.
ولا يخفى : أن النهي في هذا القسم (١) لا يصلح إلّا للإرشاد (٢) ، بخلاف القسم الأول فإنه يكون فيه مولويا ، وإن كان حمله على الإرشاد بمكان من الإمكان.
______________________________________________________
الأفراد من نفس تلك الطبيعة كما هو مبنى الإيراد الثاني ، حيث إنه جعل المقيس عليه هو الفرد الذي يحدث بسبب تشخصه منقصة ، ولذا توهم أن الصلاة في المكان المباح بالنسبة إلى الصلاة في الحمام مستحبة ؛ لكن قد عرفت أنه ليس هو المقيس عليه ، على ما في «منتهى الدراية ، ج ، ٣ ص ١٢٦».
(١) أي : القسم الثاني من العبادات المكروهة ، وهو : كون النهي متعلقا بذات العبادة وعنوانها مع وجود البدل لها.
(٢) أي : الإرشاد إلى فرد آخر يكون بدلا عن الفرد المنهى عنه ؛ إذ المفروض : وجود البدل للفرد المنهى عنه. ثم إن الحمل على الإرشاد يختص بالتوجيه المختص به ، وهو كون النهي لأجل حصول منقصة في الطبيعة المأمور بها ، دون التوجيه المشترك بينه وبين القسم الأول من كون متعلق النهي عنوانا ذا مصلحة منطبقا على العبادة ومتحدا معها ، أو ملازما لها.
ووجه عدم صحة حمل النهي في هذا القسم الثاني على غير الإرشاد هو : أن النهي المولوي ولو تنزيهيا منوط بثبوت مفسدة في متعلقه ، أو مصلحة في نقيضه مزاحمة لمصلحته ، وهو مفقود في المقام ، لوجود المصلحة في متعلقه وعدم مصلحة في نقيضه ، بخلاف القسم الأول لوجود المصلحة في متعلقه وفي تركه ، ولذا صار أرجح من فعله ، فلا بد من كون النهي في هذا القسم الثاني إرشادا إلى منقصة حاصلة في الطبيعة بواسطة تشخصها بغير الملائم ؛ ككون الصلاة في الحمام.
وكيف كان ؛ فقد عرفت أن النهي في القسم الأول يمكن أن يكون إرشادا إلى الترك الذي هو أرجح من الفعل لا الإرشاد إلى فعل آخر من تلك الطبيعة ، إذ المفروض : كونه مما لا بدل له كصوم يوم عاشوراء ، ويمكن أن يكون لاستحباب الترك مولويا إما لانطباق عنوان ذي مصلحة عليه كمخالفة بني أمية. وإما لاستلزامه أمرا مطلوبا كإتيان زيارة عاشوراء ، وهذه الوجوه الثلاثة المذكورة في القسم الأول ثم النهي في القسم الثاني.
وأما النهي في هذا القسم الثاني : فإما للوجوه الثلاثة المذكورة في القسم الأول كما