ولزوم اتصاف ما لا مزية فيه ولا منقصة بالاستحباب ، لأنه أكثر ثوابا مما فيه المنقصة ؛
______________________________________________________
وحاصل الأمر الثاني : أن تفسير الكراهة في العبادة بأقلية الثواب يستلزم استحباب العبادة المكتنفة بما لا يلائمها ولا ينافرها كالصلاة في الدار ، بالإضافة إلى الصلاة في الحمام ، ونحوه من المشخصات المنافرة للطبيعة ؛ لكون الصلاة في الدار أكثر ثوابا من الصلاة في الحمام ، وهذا مما لم يلتزم به أحد من الفقهاء ؛ إذ يلزم أن يكون كل من الكراهة والاستحباب من الأمور النسبية ، بمعنى : أن الصلاة في الدار مستحبة بالنسبة إلى الصلاة في الحمام ، ومكروهة بالنسبة إلى الصلاة في المسجد ، هذا تمام الكلام في تقريب الإشكالين بالأمرين المذكورين.
ولكن لا يرد شيء من الأمرين على تفسير العبادة المكروهة بأقلية الثواب ؛ وذلك لما عرفت عند شرح كلام المصنف : «وذلك لأن الطبيعة المأمور بها في حدّ نفسها ...» إلخ. فقوله : «لما عرفت ...» إلخ تعليل لقوله : «لا يرد عليه».
وحاصل الكلام في المقام : أنه ليس من أقلية الثواب وأكثريته الأقلية والأكثرية المطلقتين ؛ بل أكثرية الثواب وأقليته اللتان تضافان إلى نفس الطبيعة المتشخصة بمشخص لا يوجب مزية ولا منقصة ، فإذا كان لنفس الطبيعة من حيث هي مقدار حصة من المصلحة ، واختلاف المشخصات في الملاءمة وعدمها يوجب زيادة الثوب وقلتها ، كما أن الفرد المكروه خصوص العبادة التي يكون ثوابها. لاحتفافها بما لا يلائمها. أقل من ثواب الفرد المتشخص ؛ بما لا يلائمه ولا ينافره ؛ كالصلاة في الدار ونحوها من الأمكنة المباحة ، فلا يتصف غير هذا الفرد من أفراد الطبيعة بالكراهة ، كما لا تتصف الصلاة في الدار ونحوها من الأمكنة المباحة. التي لا توجب زيادة ولا نقصانا في مصلحة الطبيعة. بالاستحباب بالإضافة إلى الصلاة الواقعة في مكان مكروه كالحمام ، لأكثرية ثواب الصلاة في الدار من ثواب الصلاة في الحمام.
وقوله : «وكذا كونه أكثر ثوابا» ناظر إلى ردّ اللازم الثاني.
وحاصل الردّ : أن الأكثرية تلاحظ بالقياس إلى نفس الطبيعة مع الغض عن تشخصها بالمشخص الملائم أو المنافر ، وعليه : فلا يصح أن يقال : إن الصلاة في المكان المباح كالدار مستحبة بالإضافة إلى الصلاة في الحمام ؛ لأن الأكثرية كما عرفت تضاف إلى مصلحة نفس الطبيعة ومن المعلوم : أن مصلحة الصلاة في المكان المباح ليست بأكثر من مصلحة نفس الطبيعة حتى تتصف بالاستحباب.
وبالجملة : المقيس عليه في الأقلية والأكثرية هو خصوص الفرد الذي لا يحدث بسبب تشخصه مزية ولا منقصة ، لا طبيعة أخرى ، كما في الإيراد الأول ، ولا مطلق